[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]
  فالنسخ بالحقيقة لدليل التأسي(١)، ونسبته إلى الفعل على جهة المجاز.
  وأما مع عدم التمكن فلا يقع؛ لأنه إن تأخر الفعل فدليل التأسي عبث أو بداء، وإن تأخر القول فهو أيضاً كذلك؛ لرفعه حكم دليل التأسي(٢)، والكل غير جائز.
  ولا تعارض بين القول الخاص بالأمة والفعل المدلول على تأسي الأمة به(٣) في حقه ÷.
  (فإن جهل) المتقدم (فالقول) هو المختار لوجوه، منها: قوله: (لاستقلاله) في الدلالة(٤) على تعدي حكمه إلينا، فلا يحتاج فيها إلى غيره، بخلاف الفعل فلا
(قوله): «وأما مع عدم التمكن فلا يقع لأنه إن تأخر الفعل» كأن يقول: «تأسوا بي في الاستقبال» ثم يقول: «الاستقبال حرام عليكم» ولم يكن قد مضى وقت يمكنهم فيه التأسي ثم يستقبل النبي ÷.
(قوله): «فدليل التأسي عبث» إن كان النبي ÷ عالماً بتقدم القول على الفعل؛ إذ لم يحصل لدليل التأسي حينئذ فائدة.
(قوله): «أو بداء» إن نسخه دليل التحريم؛ لأنه ظهر عدم المصلحة في دليل التأسي لعدم التمكن.
(قوله): «وإن تأخر القول» كأن يستقبل ثم يقول: الاستقبال حرام عليكم قبل مضي وقت يمكنهم فيه التأسي.
(قوله): «فهو أيضاً كذلك» أي: بداء فقط؛ لأن دليل التحريم رفع دليل التأسي قبل التمكن من التأسي، ولا عبث هنا؛ لعدم وجود علته هنا، أعني العلم بتقدم القول؛ لأن الفرض هنا أنه متأخر عن الفعل، ويدل على هذا تعليل المؤلف # حيث قال: لرفعه حكم دليل التأسي، فإنه علة للبداء فقط.
(قوله): «بدليل التأسي» إذ لا تكرار في حق الأمة كما عرفت.
(قوله): «ولا تعارض» الأولى أن يقال: وأنه لا تعارض ليكون عطفاً على قوله سابقاً: أن المتأخر من القول والفعل ... إلخ؛ ليظهر كون هذا مما خالف ظاهر المماثلة كالمعطوف عليه.
(قوله): «لاستقلاله في الدلالة على تعدي حكمه ... إلخ» المراد استقلاله[١] في دلالته على مدلوله مطلقاً لا على تعدي حكمه إلينا كما ذكره المؤلف #، فالتعميم أظهر كما ذكره في شرح المختصر، ولذا قال المؤلف #: فلا يستدل به ... إلخ؛ إذ كان المناسب للتقييد أن يقول: فلا يتأسى به.
فائدة: قال بعض أهل الحواشي: إن رجحان دلالة القول لا يدل على تأخر القول ظاهراً، ثم ذكر في توجيه ذلك أن دلالة القول لما كانت أقوى كان ينبغي الحكم بكون القول متأخراً ناسخاً للفعل حتى يكون الأقوى رافعاً للأضعف دون العكس على ما هو قياس الحكمة، وقس عليه الباقي.
(١) إذ لا تكرار في حق الأمة.
(٢) علة للبداء فقط. (من خط العلامة الجنداري).
(٣) بحال. (عضد). سواء تقدم القول أو تأخر أو جهل.
(٤) لأن القول وضع لذلك فلا يختلف، بخلاف الفعل فإن له محامل [ولا ظاهر له][٢]، وإنما يفهم منه في بعض الأحوال ذلك بقرينة خارجية فيقع الخطأ فيه كثيراً. (عضد).
(*) وعبارة فصول البدائع هكذا: قوة دلالته لوضعه لها، وللفعل محامل، فيحتاج في الفهم منه إلى قرينة.
[١] الألصق بالمقام ما ذكره المؤلف، وما استظهر به القاضي من قول المؤلف: ولذا قال المؤلف ... إلخ لم يظهر، فتأمل. (ح عن خط شيخه).
[٢] ما بين المعقوفين غير موجود في العضد.