[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]
  يستدل به من دون القول.
  ومنها: قوله: (وعمومه(١)) لأنه يدل على الموجود والمعدوم والمعقول والمحسوس، بخلاف الفعل فإنه يختص بالموجود المحسوس، فتكون فائدته أقل.
  ومنها: قوله: (والاتفاق على دلالته(٢)) بخلاف الفعل فإن من الناس من يقول: إن الأفعال لا يستدل بها ولا تكون بياناً، والمتفق عليه أولى بالاعتبار.
  ومنها: قوله: (وإبطاله بالكلية لو عمل بالفعل(٣)) وذلك لأن القول مختص بالأمة، فلو عمل بالفعل لبطل مقتضاه البتة، بخلاف العكس؛ لأن العمل بالقول يبطل مقتضى الفعل في حق الأمة دون النبي ÷، والجمع بينهما ولو بوجه أولى من أبطال أحدهما بالكلية.
  (وقيل: الفعل) أولى في العمل به من القول (إذ يبين به القول) مثل: «صلوا كما رأيتموني أصلي» و «خذوا عني مناسككم» بياناً(٤) لآيتي الصلاة والحج، والمبين للشيء آكد في الدلالة من ذلك الشيء، كخطوط الهندسة(٥) وغيرها، فإن من رام التعليم وأراد المبالغة في إيصال ما يقوله إلى فهم المتعلم استعان بالإشارة والتخطيط وتشكيل الأشكال، ولولا أن الفعل أقوى دلالة لما كان كذلك.
  (ورد) بمنع كون المبين للشيء آكد في الدلالة من ذلك الشيء، وغاية ما ذكرتموه
(قوله): «ورد بمنع كون المبين للشيء آكد في الدلالة» نظيره ما ذكروه في عطف البيان أنه لا يشترط كونه أوضح من متبوعه كما ذلك معروف في موضعه.
(قوله): «وغاية ما ذكرتموه ... إلخ» لعل المؤلف # رتب هذا على فرض تسليم كونه آكد فكأنه قال: ولو سلم فغاية ما ذكرتموه ... إلخ إذ لا يستقيم بعد منع كون المبين أقوى إلا مع فرض التسليم، وقد اقتصر شارح المختصر على قوله: غايته أنه وجد ... إلخ، ولم يتعرض قبله للمنع.
(١) عبارة فصول البدائع: عموم دلالته المعدوم والموجود المعقول والمحسوس. تأمل. (برطي).
(٢) ولا يخفى عليك أن رجحان دلالة القول لا يدل على تأخر القول ظاهراً، فيقال في توجيهه: مدار الوجوه الثلاثة على أن دلالة القول لما كانت أقوى مثلاً كان ينبغي الحكم بكون القول متأخراً ناسخاً للفعل حتى يكون الأقوى رافعاً للأضعف دون العكس على ما هو شأن الحكمة، وقس عليه الباقي. (ميرزاجان).
(٣) لو قيل: قد عمل به إلى وقت الفعل.
(٤) يعني دليلاً أن الفعل - وهو صلاته ÷ وحجه - بيان لآيتي الصلاة والحج.
(٥) أي: يقام بالبراهين على الدعاوى، مثل قولنا: الزوايا الثلاث في المثلث متساوية لقائمتين فإنها دعوى تقام البرهان عليها بخطوط الهندسة كما ذكرت في موضعه.