[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]
  أنه وجد البيان بالفعل، وقد وجد البيان بالقول أيضاً، ويرجح (بأن البيان بالقول أكثر) فإن غالب مستند الأحكام الأقوال لا الأفعال (ولو سلم التساوي) بينهما(١) (رجح) القول (بما ذكر) من الوجوه الأربعة(٢) لسلامتها عن المعارض، فإن الدليلين من جنس واحد إذا تعارضا فقيام دليل من جنس آخر على وفق أحدهما مرجح له.
  (و) قيل: المختار (الوقف) لأن كل واحد منهما مجوز تقدمه فيكون منسوخاً وتأخره فيكون ناسخاً، فينبغي أن يتوقف دفعاً للتحكم كما في صورة اختصاص القول به ÷.
(قوله): «فإن غالب مستند الأحكام الأقوال» تعليلُ كون البيان بالقول أكثر باستناد الأحكام إلى الأقوال غيرُ ظاهر فينظر[١]، اللهم إلا أن يقال: إن البيان من الأحكام.
(قوله): «من جنس واحد» احتراز عما إذا اختلفا بالجنس فإنه لا ترجيح بالكثرة كنص وقياسين، بخلاف ما إذا تعارض القياسان ووجد على وفق أحدهما دليل من جنس آخر. قال السعد: وهاهنا الدليلان من جنس، وهو وقوع كل من القول والفعل بياناً، وقد قامت الوجوه الأربعة على تقديم القول. انتهى. وظاهره أن المراد بالجنسية اتفاقهما في كونهما بياناً. واعترضه في الجواهر بأن تفسير الجنسية بوقوع كل منهما بياناً غير مستقيم؛ لأن أجناس الدلائل الكتاب والسنة والإجماع والقياس، فمعنى جنسية القول والفعل كونهما من السنة، وقد انضم إلى القول جنس آخر من[٢] الاستدلال فيرجح على الفعل.
(قوله): «وقيل: المختار الوقف» أورد المؤلف # الوقف قولاً مستقلاً، ولم يورده سؤالاً كما في شرح المختصر حيث قال: فإن قيل: لم لا يصار إلى التوقف كما في حقه ÷؛ لأن كل واحد منهما ... إلى آخر ما ذكره المؤلف؛ لئلا يرد عليه ما ذكره السعد من أن هذا السؤال غير متوجه بعد معرفة ترجيح القول بالوجوه المتقدمة؛ إذ قد عرف منها علة عدم التوقف، فهذا السؤال طلب لتعيين العلة[٣] في التوقف بعد تبيينها، وذلك غير متوجه، فالسؤال المتوجه أن يقال: لم لا يصار في الأول من هذا القسم إلى ترجيح القول كما هو رأي الآمدي من غير توقف؟
(قوله): «لأن كل واحد منهما ... إلخ» يعني أن هاهنا احتمالين؛ لأنه يجوز في كل واحد منهما تقدمه ... إلخ.
(قوله): «كما في صورة اختصاص القول به ÷» وهي أول الأصناف في هذا القسم حيث قال: فإن جهل فالوقف للاحتمال.
(١) في البيان. (فصول).
(٢) وهي: استقلاله في الدلالة، وعمومه، والاتفاق على دلالته، وإبطاله بالكلية لو عمل بالفعل.
[١] لعل وجه التنظير أنه لا يتم المراد؛ إذ مبنى الاستدلال على أن الفعل وقع بياناً للقول، ووقع الرد بأن القول أكثر بياناً للأحكام الخمسة من الوجوب ونحوه من الفعل، فلا يتم الرد للمغايرة إلا إذا أدرج بيان الفعل للقول في الأحكام. ولعله يقال: لا حاجة إلى إدراجه فيها؛ إذ المراد من بيان القول بالفعل بيان حكمه فتأمل. (ح عن خط شيخه). إلا أنه قد شكل على قوله: وجه التنظير.
[٢] لفظ الجواهر: وقد انضم إلى القول دليل آخر من جنس الاستدلال فيترجح على الفعل.
[٣] مقتضى هذا التقرير عدم كون التوقف قولاً لأحد، فالصواب أن يقول المؤلف |: ولما سبق من عدم رجحان الفعل امتنع التوقف أو نحو ذلك. (محمد بن زيد ح).