[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]
  في أحكام النسخ وجهل التاريخ لا في نفي التعارض.
  وتفصيل ذلك: أن المتأخر من القول والفعل ناسخ للآخر مع التمكن إلى آخر ما ذكر هناك سواء، سواء تناوله القول بطريق الظهورأو التنصيص مطلقاً.
  لا يقال: إذا تناوله بطريق الظهور بلا تراخٍ ففعله ÷ تخصيص للعموم، وسواء تقدم أو تأخر أو قارن كما يجيء إن شاء الله تعالى في مسألة بناء العام على
(قوله): «لا في نفي التعارض» يعني المذكور سابقاً في الشرح[١]، فإن التعارض في حقه ثابت هنا بين القول والفعل؛ لعموم القول هنا لا هناك.
(قوله): «أن المتأخر من القول والفعل ناسخ للآخر» مثال تأخر الفعل أن يقول: «لا يجوز لأحد أو لي ولكم الاستقبال» ثم فعل، ففعله ناسخ لدليل التحريم مع التمكن، بأن يمضي وقت يتمكن ÷ وأمته من الكف فيه، لكن الناسخ هنا في حقه مجرد الفعل[٢] لا مع دليل التأسي، وأما في حق الأمة فالناسخ الفعل مع دليل التأسي كما سبق. ومثال تأخر القول: أن يستقبل ثم يقول: «لا يجوز لأحد أو لي ولكم»، فالقول في الحقيقة ناسخ لدليل التأسي في حقهم، وأما في حقه فالقول ناسخ للفعل[٣]، وليس هذا مما تقدم.
(قوله): «إلى آخر ما ذكر هناك» من أن الناسخ حينئذ إما الفعل مع دليل التأسي لدليل التحريم، وإما القول لدليل التأسي، ومن أن التعارض بين القول والفعل ممتنع مع عدم التمكن، ولذا قال المؤلف #: سواء، أي: تماثل ما نحن فيه وما سبق تماثلاً سواء، أي: مستوياً بلا نقصان. لكن تعليل تأخر الفعل فيما سبق بكون دليل التأسي عبثاً أو بداء، وتعليل تقدمه بكون دليل التأسي بداء - لا يجري هنا في حقه ÷، وهو ظاهر، فليس كما سبق، اللهم إلا أن يقال: يصح التعليل بذلك وإن لم يصح في حق النبي ÷ نظراً إلى المجموع من حيث هو مجموع، فتأمل.
(قوله): «سواء تناوله القول بطريق الظهور» نحو: الاستقبال وقت كذا حرام على كل أحد، أو التنصيص نحو: حرام علي وعليكم.
(قوله): «مطلقاً» قيد لتناول القول بطريق الظهور أو التنصيص لا لقوله: إلى آخر ما ذكر هناك سواء، فإنه لا يصح تقييده بذلك؛ لأن قيد الإطلاق قد فهم من قوله: إلى آخر ما ذكر هناك سواء. وأما قوله: سواء تناوله القول ... إلخ فلم يكن قد سبق؛ لأن القول فيما سبق خاص بالأمة، وفيما نحن فيه عام له وللأمة، فلا بد من ذكره وتقييده بقوله: مطلقاً، ويكون المعنى: سواء أمكن العمل[٤] فيكون الفعل ناسخاً أو لم يمكن فيكون المتأخر ممتنعاً؛ ليتفرع عن ذكره وتقييده السؤال المشار إليه بقوله: «لا يقال»، والجواب المشار إليه بقوله: «لأنه يقال ... إلخ»، ولو لم يذكره ويقيده بالإطلاق لم يتقدم ما يتفرع عنه السؤال إلا بتكلف؛ فلذا أورد بعده السؤال وأجاب عنه، وبما ذكرنا سقط ما ذكر بعض الناظرين من أن هذا - أعني مطلقاً - نسخه بدل من قوله: سواء تناوله.
(قوله): «بلا تراخ ... إلخ» قيل: الصواب تأخير قوله: بلا تراخ عن قوله: ففعله. قلت: بل الصواب عبارة المؤلف؛ لأن المراد بلا تراخ في وقوع الفعل أو في وقوع القول، فلذا قدمه المؤلف #، فلو قال: ففعله بلا تراخ لم يشمل وقوع القول بلا تراخ، فتأمل.
(قوله): «ففعله ÷ تخصيص للعموم» وهو قوله: «الاستقبال حرام في وقت كذا على كل أحد» ثم استقبل قبل وقت التمكن من الترك، فيكون فعله مخصصاً لذلك العموم، فيثبت التحريم في حق غيره.
[١] بقوله: لا تعارض بين القول الخاص بالأمة والفعل المدلول على تأسي الأمة به في حقه. اهـ منه.
[٢] فليس هذا مما تقدم. (ح).
[٣] أي: لدليل التكرار.
[٤] تأمل. (ح).