[مسألة في بيان حجية تقريراته ÷]
  وسببه أن أسامة كان أسود وزيداً كان أبيض، وكان المنافقون يتعرضون للطعن في نسب أسامة، فلما ألحقه المجزز المدلجي بزيد سر # بذلك ودخل على عائشة وأسارير(١) وجهه تبرق من الفرح، فقالت عائشة: يا رسول الله، أنت أحق بقول الهذلي:
  وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلل
  فقال لها: ألم تري إلى مجزز كيف مر على أسامة وزيد؟ وحكى لها القصة(٢).
  (ورد(٣)) على الشافعي (بأن ترك الإنكار) لا نسلم أنه لكون الطريق التي استند إليها المدلجي في قوله الحق حقاً(٤)، بل (لموافقة الحق) في القول دون الطريق؛ إذ الشرع كان حاكماً(٥) بإلحاق أسامة بزيد، فصار كما لو قال فاسق: هذه الدار لفلان يعزوها إلى مالكها ويده ثابتة عليها(٦)، فلو قرر الشارع مثل هذا الرجل على قوله لم يكن حكماً(٧) بأقوال الفسقة في محل النزاع والاحتياج(٨) إلى إقامة البينات، (و) لا نسلم أن (الاستبشار) الحاصل من الرسول ÷
(قوله): «أسارير وجهه تبرق من الفرح» هي الخدان والوجنتان، ذكره في القاموس، وحديث المدلجي متفق عليه عن عائشة. وفي الحديث: استنار وجهه كأنه قطعة قمر. قال الدماميني: كنت أسمع شيخ الإسلام البلقيني[١] يقول: وجه العدول عن تشبيه وجهه بالقمر إلى تشبيهه بقطعة قمر هو أن القمر فيه قطعة يظهر فيها سواد، وهو المسمى بالكلف، فلو شبه بالمجموع لدخلت القطعة في المشبه به، وغرضه إنما هو التشبيه على كمال الوجوه[٢]؛ فلذا قيل: إنه قطعة قمر، يريد القطعة الساطعة الخالية عن شوائب الكدر.
(١) الأسارير جمع لأسرة جمع سرار، وهي خطوط الكف والجبهة. (صحاح معنى).
(٢) وفي جواهر التحقيق ما لفظه: وهي - أي: قصة المدلجي - أن عائشة قالت: دخل المدلجي القائف على النبي ÷ فرأى زيداً وأسامة ... إلخ. وفيه: أن القصة بحضرة النبي ÷ بخلاف ما هنا. (من خط العلامة أحمد بن عبدالله الجنداري).
(٣) الراد القاضي أبو بكر الباقلاني.
(٤) خبر الكون.
(٥) بقوله: «الولد للفراش». (قسطاس).
(٦) في (أ): إلى مالكها وصاحب اليد فيها.
(٧) وفي نسخة: حاكماً.
(٨) أي: وفي محل الاحتياج.
[١] بلقين كغرنيق بالضم وكسر القاف: قرية بمصر، منها علامة الدنيا صاحبنا عمر بن رسلان. (قاموس).
[٢] هكذا في المطبوع. وفي فيض القدير نقلاً عن البلقيني: على أكمل وجه.