المقدمة
  واعلم أنا لا نريد حصر مقدمة العلم في ثلاثة، ولا انحصار البصيرة في مرتبة واحدة، فمن اطلع على رابع خارج يوجب ازدياداً(١) في البصيرة فله أن يعده من المقدمات.
  ووجه توقف الشروع في العلم على بصيرة على ما ذكرناه أما الحد فلأن من تصور العلم بحده الحقيقي أو رسمه التام وقف على جميع مسائله إجمالاً؛ فإن
(قوله): «واعلم أنا لا نريد حصر مقدمة العلم في ثلاثة» يعني لا يتوهم من الاقتصار عليها ومن قول المؤلف سابقاً: واقف على الثلاثة إرادة حصر توقف الشروع على بصيرة في الثلاثة؛ لما ذكروه من أن البصيرة ليست أمراً مضبوطاً، فكون الطالب على بصيرة مما ليس له معنى محصل يقتضي الحصر في الحد والموضوع والغاية، كيف والشروع على بصيرة يحصل بأزيد[١] مما ذكر في أوائل الكتب وبأنقص كما اعترف به الشريف.
(قوله): «ولا انحصار البصيرة في مرتبة واحدة» يعني من مراتب ما تحصل به البصيرة؛ لما عرفت من أنها ليس لها معنى محصل. وينظر في فائدة هذا مع قوله سابقاً: لا نريد حصر مقدمة العلم ... إلخ؛ فإن معنى حصر المقدمة[٢] حصر ما يفيد كونه على بصيرة؛ ولذا لم يتعرض للجمع بينهما في حواشي المطول.
(قوله): «فمن اطلع على رابع» بل وأكثر من ذلك كما زاد بعضهم استمداد العلم ومعرفة حكمه، وكتقسيم العلم والكتاب إلى أقسام وأبواب وفصول ليطلب في كل باب ما يليق به، وكما قيل: إن مباحث الألفاظ مما يوجب ازدياد البصيرة في الشروع بطريق استفادة العلم وإفادته لها، قال: ولذلك قيل: الأولى أن تفسر مقدمة العلم بما يعين على تحصيله.
(قوله): «يوجب ازدياداً في البصيرة» ظاهر هذا وقوله فيما سيأتي في شرح قوله: وهاهنا أبحاث: ولما فرغ من الأمور الثلاثة التي توجب ازدياداً في البصيرة أن المقدمة توجب الازدياد، وظاهر ما سبق وقوله هنا: توقف الشروع في العلم على بصيرة أن نفس البصيرة إنما حصلت بها، فينظر في وجه ذلك.
يقال: وجه ذلك أن يراد بما سبق وبقوله هنا: «توقف الشروع في العلم على بصيرة» البصيرة الكاملة[٣].
(قوله): «بحده الحقيقي» لم يقيد في شرح المختصر الحد بالحقيقي والرسمي بالتام، بل صرح الشريف بالتعميم حيث قال: إما تاماً إن كان تمام حقيقة مسمى العلم أو ناقصاً إن كان بعضها، ورجع إلى ذلك المؤلف في آخر الكلام حيث قال: فإن من تصور علماً برسمه حيث لم يقيد بالتمام.
(١) كمباحث الألفاظ فإنها توجب زيادة بصيرة في الشروع بطريق استفادة العلم وإفادته بها؛ ولذلك قيل: الأولى أن تفسر مقدمة العلم بما يعين على تحصيله. (من مرآة الفهوم).
[١] قوله: «يحصل بأزيد» كما فعل المؤلف # فإنه جعل الأبحاث الثلاثة من توابع المقدمة.
[٢] قوله: «فإن معنى حصر المقدمة» في حاشية: في الثلاثة.
[٣] قوله: «البصيرة الكاملة»: الأحسن في حل عبارة المؤلف أن يقال: حصول البصيرة متوقف على الثلاثة، وازديادها يحصل بما زاد على الثلاثة، فلا حاجة إلى حمل البصيرة على الكاملة كما يظهر من كلام المؤلف | فتأمل، والله أعلم. (ح).