هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]

صفحة 163 - الجزء 2

  واقعاً (على خلافه) فإنكارها عليه لمخالفة النص لا لمخالفة الإجماع، ويحتمل أن يكون لأنه لم يبلغ رتبة الاجتهاد، على أن قولها بانفرادها لا حجة فيه، (و) على تقدير تمامه فهو (معارض بأنهم) يعني الصحابة (سوغوا اجتهاد مثل سعيد وشريح والحسن⁣(⁣١)) والتسويغ دليل الاعتبار، روي أنه سئل ابن عمر عن فريضة فقال: سلوها سعيد بن جبير فإنه أعلم مني بها.

  وروي أن علياً # وعمر لم يعترضا شريحاً⁣(⁣٢) فيما خالفهما فيه باجتهاده.


(قوله): «ومعارض ... إلخ» جعل المؤلف # تسويغهم⁣[⁣١] معارضة لإنكار عائشة، فلم يرد عليه ما ورد على ابن الحاجب حيث جعل التسويغ دليلاً على اعتبار قول التابعي، وذلك أنه ورد عليه أن التسويغ إنما كان مع اختلاف الصحابة، أما مع إجماعهم فلا.


(١) معهم والتفتوا إليه. (فصول بدائع).

(٢) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في لوامع الأنوار (١/ ٢٦٢/ط ٤) في آخر المبحث الذي تكلم فيه عن حجية كلام أمير المؤمنين # ما لفظه: «فإن قيل: لو كان كذلك، لما خالفه الصحابة، ولأنكر عليهم المخالفة. قيل له: أما المخالفة فلا تنكر، وليست بدليل، مالم يكن إجماعاً. كيف وقد خولف الرسول ÷ مراراً؟ أشهرها ماجرى من خلاف يوم الخميس، الذي أشار إليه الإمام يحيى شرف الدين (ع)، في قوله:

وَفِي الْخَمِيْسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيْسِ بِهِ ... كُلُّ الرَّزِيَّةِ قَالَ البَحْرُ هِيْ هِيْ هِيْ

عنى بالبحر ابن عباس ®.

قال الشارح: هذا إشارة إلى الحديث، الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: لما حُضِرَ رسول اللَّه ÷ وفي البيت رجال، فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي ÷: «هلمّوا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده». قال عمر - وفي رواية: قال بعضهم -: رسول اللَّه ÷ قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبكم كتاب الله» ... إلى قوله #: «وأَمْرُ هذه الواقعة معلوم، وإنما آثرتُ رواية الصحاح لتسليم الخصوم. فبالله عليك، أترى هذا خلافاً لرسول اللَّه ÷ أم لا؟ وهل هذا يبطل حجية قوله ÷؟! بل نقول: لا اعتبار بمن خالف الحجة، وإن خالف من خالف، وإن اختلفت أحكام المخالفة، وعند الله تجتمع الخصوم؛ وأما عدم إنكار الوصي ~ المخالفة فخلاف المعلوم من أقواله وأفعاله، وخطبه منادية بالإنكار على الاستمرار، منها قوله: (أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا؟) وقوله: (أَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ عَنْ عِلْمٍ تُنُوسِخَ عَنْ أَصْلَابِ أَصْحَابِ السَّفِيْنَةِ؟)» ... إلى آخر كلامه. (منه باختصار).


[١] في المطبوع: التسويغ تعميم. والمثبت من هامش (أ).