هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]

صفحة 164 - الجزء 2

  وروي أن الحسن بن علي @ سئل في مسألة فقال: سلوا الحسن البصري. وربما سألوا أنساً شيئاً فقال: سلوا مولانا الحسن فإنه سمع وسمعنا وحفظ ونسينا.

  وروي أن ابن عباس سئل عن النذر بذبح الولد فأشار إلى مسروق⁣(⁣١) وقال: سلوه، فلما أتاه السائل بجوابه تابعه ورجع إليه.

  وروي عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف أنه قال: تذاكرت مع ابن عباس⁣(⁣٢) وأبي هريرة في عدة الحامل للوفاة - أي: لوفاة زوجها - فقال ابن عباس: عدتها أبعد الأجلين من الوضع⁣(⁣٣) وأربعة أشهر وعشر، فقلت أنا: عدتها أن تضع حملها، فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي، فسوغ ابن عباس لأبي سلمة⁣(⁣٤) أن يخالفه مع أبي هريرة، إلى غير ذلك من الوقائع⁣(⁣٥) التي لا تحصى كثرة.


(قوله): «سلوا مولانا الحسن⁣[⁣١]» يقال: الحسن بن علي # صحابي فلا حجة.

(قوله): «أنا مع ابن أخي، وذلك أنه ÷ آخى بينه وبين عبدالرحمن بن عوف.


(١) ابن الأجدع الهمداني، وهو من بني معمر بن وادعة. (من سيرة ابن هشام). قيل: سُرِق وهو صغير ثم وُجِدَ. (أذكار).

(٢) أخرجه البخاري عن أبي سلمة بلفظ: قال: جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده فقال: أفتني في امرأة ولدت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة، فقال ابن عباس: بآخر الأجلين، قلت أنا: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٤]، قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي، يعني أبا سلمة.

(٣) بيان لقوله: (الأجلين).

(*) وقد ورد في القرآن العظيم بهما، أعني بالوضع في آية وبالأربعة الأشهر [والعشر] في أخرى، فالأول كقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، والثاني كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}⁣[البقرة: ٢٣٤].

(٤) قيل: يحتمل أن يكون تسويغ ابن عباس له لموافقة أبي هريرة له.

(٥) الجواب: أن هذه الصور التي نقلوها إنما هي صور وقع الخلاف فيها بين الصحابة، ونحن نجوز اجتهاد التابعي في تلك الصور، وأما صور الاتفاق فلا، فإذاً الاعتماد على الدليل الأول. (غاية الوصول للحلي). وهو ما مر في قوله: (لعدم انتهاض ... إلخ). اهـ وقد يقال: إنما يصح ذلك لو قلنا: إن مخالفته لهم⁣[⁣٢] خطأ مطلقاً، ولا نقول به، بل إذا خالفهم مع إجماعهم، وما ذكرتموه من تسويغ الاجتهاد معهم إنما كان مع الاختلاف، فلا يفيدكم. (قسطاس). والجواب: أنه إذا كان قول التابعي معتبراً في الاجتهاد كان معتبراً في الإجماع، ذكر معناه النيسابوري.


[١] أراد البصري، قال في الجوهرة: إنما قال: مولانا لأن أباه كان مما أفاء الله به من السبي. اهـ فلا يرد ما قاله المحشي.

[٢] في المطبوع: مخالفتهم. والمثبت من القسطاس.