هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]

صفحة 168 - الجزء 2

  المخالف تابعياً نادراً، وافتراقهما في التابعي الكثير والنادر الذي ليس بتابعي.

  (و) الطرف الثالث: أنه (لا) يعتبر (من سيوجد) من الأمة إلى انقطاع دار التكليف (اتفاقاً) بين القائلين بحجية الإجماع؛ لأن في أدلة الإجماع ما يقتضي أن أهل العصر الواحد حجة، ولأن الإجماع حجة، فلو اعتبرنا في الإجماع المكلفين جميعاً إلى آخر التكليف لم يكن حجة؛ لأنه ليس بعدهم تكليف فيكون إجماعهم حجة فيه، وأما من سيوجد في عصر المجمعين فسيأتي الخلاف فيه إن شاء الله.

  الطرف الرابع: أنه لا يعتبر فيه إلا المجتهد (ولا) يعتبر (غير المجتهد) على المختار، وهو قول الأكثرين (وقيل⁣(⁣١): يعتبر المقلد مطلقاً⁣(⁣٢)) يعني ولو كان


(قوله): «لأن في أدلة الإجماع ما يقتضي أن أهل العصر الواحد حجة» في الحواشي: المراد أن أدلة الإجماع تدل على أن هاهنا إجماعاً موجوداً أو تدل على أنه لا عبرة بمن سيوجد، فالقول باشتراط وفاق من سيوجد ينفي وجود الإجماع الذي دلت الأدلة على وجوده أو الذي دلت الأدلة على أنه لا يعتبر فيه بمن سيوجد؛ إذ وجوب اتباع سبيل المؤمنين لا يتصور في جميع المؤمنين إلى يوم القيامة؛ إذ لا تكليف حينئذ ولا اتباع، والذي تواتر معنى هو سلب الخطأ عن جمع من الأمة لا جميعهم. قلت: وعبارة المؤلف # تشعر باعتماد الوجه الثاني؛ لقول المؤلف #: لأن في أدلة الإجماع ما يقتضي أن أهل العصر الواحد حجة.

(قوله): «وقيل: يعتبر المقلد مطلقاً» كلام المؤلف # مبني على أن الخلاف المذكور في العامي الصرف، وهو مقتضى كلام الإمام المهدي # وابن الحاجب، ورجح هذا في شرح الجوهرة والإمام الحسن # في القسطاس، وقيل: العامي المختلف في اعتباره على جهة الإطلاق هو الذي حصل طرفاً⁣[⁣١] من العلوم التي لها مدخل في الاجتهاد، وهو لا محالة يكون أصولياً أو فروعياً، وأما العامي الصرف فهو بمنزلة الصبيان والمجانين فلا يعبأ به، وقد ذكر السعد أن شارح المختصر أشار إلى أن المراد بالمقلد المختلف في اعتباره هو ما ذكره هذا القائل.


(١) قال في مراقي الأصول: قال السيد أبو طالب: يجب اعتبار العوام جملة فيما عرفوه جملة، ويجب اعتبارهم تفصيلاً فيما عرفوه تفصيلاً، قال: وقد ذكر بعض المتأخرين في هذه المسألة قسمة حسنة، وهي: أن الأحكام إما أن تكون مما تعلم ضرورة أو دلالة، إن كان الأول فلا اعتبار بالإجماع مع الضرورة. وإن كان الثاني: فإما أن يكون ذلك في الفروع أو في الأصول، إن كان في الفروع فلا اعتداد بالعوام فيه؛ لعدم أهليتهم لذلك، وإن كان في الأصول فإما أن يكون ذلك من المسائل التي يتوقف صحة السمع على العلم بها أم لا. إن كان الأول فلا اعتداد بالإجماع كله فيها، وإن كان الثاني وجب اعتبارهم فيه، وذلك كنفي الرؤية ونفي الثاني وما أشبه ذلك. وعلى الشيخ في قوله: إن الحكم متى كان مما يمكن العوام معرفته ومثل ذلك بالأمور الضرورية سؤال، وهو أن يقال: إن الضرورة لا يعتبر فيها إجماع ولا خلاف. اهـ والله أعلم وأحكم.

(٢) يعني ولو كان عامياً، ولم يتعرض الشارح العضد لهذا المذهب؛ لبعد اعتبار العامي، وأشار القاضي ومن معه إلى أن المختلف في اعتباره هو الذي حصل ... إلخ. (سيلان).


[١] فينبغي أن يكون ميل القاضي إلى اعتبار الأصولي والفروعي. (ح).