[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]
  عامياً، وهو اختيار أبي طالب وأبي عبدالله البصري وأبي بكر الباقلاني(١)، قال أبو طالب #: ما يعتد بالإجماع فيه منه ما يشارك العوام في معرفته الخواص ومنه ما ليس كذلك، فالأول يعتد بإجماع العامة عليه مع الخاصة على التفصيل(٢)، ويعتبر قولهم فيه، وذلك كعلمهم بأن يومي العيد لا صيام فيهما، وأن الحدث ينقض الوضوء على الجملة، وأن ابنة الابن في التحريم بمنزلة البنت، وأن الخالة في ذلك بمنزلة الأم، وما يجري هذا المجرى مما يشاركهم العوام في معرفة الحكم المجمع عليه على التفصيل وإن لم يعرفوا طريقه إلا على سبيل الجملة.
  والثاني يعتبر إجماعهم على الجملة من حيث كان المعلوم من حالهم أنهم راضون بكل قول يجمع عليه علماء الأمة وأنهم لا يخالفون في ذلك، وذلك كحكم من يتزوج المرأة وهي في العدة، أو يطأ في الحج، أو يلحقه السهو(٣) في الصلاة. انتهى
  والحجة على هذا القول عموم دليل الإجماع.
  (وقيل:) يعتبر المقلد(٤) (الأصولي) خاصة؛ لكونه أقرب إلى مقصود
(قوله): «ما يشارك العوام» فاعل يشارك العوام، ومفعوله الخواص.
(١) غلط الآمدي في نسبة هذا القول إلى القاضي أبي بكر، وتبعه ابن الحاجب؛ فإن القاضي صرح في غير موضع من التقريب بعدم اعتبارهم، بل زاد أن نقل الإجماع على عدم اعتباره، وإنما الخلاف في أنه هل يصدق أن يقال: أجمعت الأمة أو لا يقال إلا: أجمع علماء الأمة، لا أن في قول العلماء مع خلاف العوام حجة أم لا، وبهذا التحقيق ظهر أن لا خلاف في المعنى، لكن ما صرح به أبو طالب وغيره من التفرقة بين المشهور من الأحكام والخفي منها ما يدل على افتقار الحجة اللازمة للإجماع إلى وفاقهم، إلا أن الغزالي قال: هذه المسألة فرضت ولا وقوع لها أصلاً؛ لأن العامي يفوض أمره فيما لا يدري إلى من يدري، فما أجمع عليه الخواص ولا يفهم فيه العامي فهو مجمع عليه من الخواص والعوام، وما يشترك في إدراكه الخاص والعام كالصلوات الخمس ووجوب الصوم والزكاة فيشترط في انعقاد الإجماع الكل، حتى لو فرض مخالفة العوام لم ينعقد، إلا أنه غير واقع، وهذا معنى قول المنتخب وشارحه: إلا فيما لا يستغني عن الرأي.
(٢) لا على الإجمال.
(٣) لعله يريد أنها لا تفسد صلاته بالسهو. اهـ وفي حاشية: ينظر هل المراد أنها لا تفسد صلاته بالسهو؟
(٤) المراد العارف بقواعد أصول الفقه، وهو كذلك في العضد، وصرح به الإسنوي وغيره. اهـ وفي جوهرة الرصاص: أن المراد المتكلم في أصول الدين، وتابعه المهدي # في المنهاج.