هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]

صفحة 170 - الجزء 2

  الاجتهاد؛ لعلمه بمدارك الأحكام على اختلاف أقسامها وكيفية تلقي الأحكام من منطوقها ومفهومها ومعقولها إلى غير ذلك، بخلاف الفروعي.

  (وقيل:) يعتبر (الفروعي)⁣(⁣١) خاصة؛ لعلمه بتفاصيل الأحكام، دون الأصولي⁣(⁣٢).

  (قلنا) في الاحتجاج للمذهب الأول: المقلدون يجب وفاقهم للمجتهدين إجماعاً⁣(⁣٣)، و (وجوب وفاقهم يقتضي حجية قول المجتهدين) أي: كونه حجة تامة


(قوله): «يجب وفاقهم للمجتهدين» هذا قريب مما في شرح المختصر حيث قال: ولنا أيضاً أنه عند اتفاق المجتهدين يحرم على المقلد المخالفة قولاً وفعلاً قطعاً. واعترضه السعد بأنه كيف ينعقد الإجماع بدونه حتى يعصي بالمخالفة عند القائل باعتباره، قال: ثم مبنى الكلام على أن المقلد المخالف يعصي بالمخالفة اتفاقاً، وهو مشكل عند من يشترط في حجية الإجماع موافقته. قلت: وقد ذكر قريباً مما ذكره السعد بعض المحققين من شراح الفصول، وقد أجاب في الجواهر عن ذلك بأن المقلد وإن لم يكن عاصياً لمخالفة الإجماع عند من يشترط موافقته لكن لا يلزم من ذلك أن لا يكون عاصياً عنده من جهة مخالفته للحق، فإن المخالفة للإجماع أخص من مخالفته للحق، ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم، فالمراد أنه تبين للمقلد بعد مخالفته لهم حقية قولهم، وأن مخالفته لهم ليست بحق لا من حيث إنها مخالفة للإجماع، وتبين له أيضاً كونه عاصياً بتلك المخالفة مع قطع النظر عن كونه إجماعاً أو غير إجماع. قلت: ووجه مخالفة المقلد للحق أنه يجب عليه الرجوع إلى العلماء، وقد أشار المؤلف # إلى هذا بقوله: يجب وفاقهم للمجتهدين إجماعاً. ويؤيده ما ذكره الدواري في شرح الجوهرة حيث قال: ولا يختلف الجميع في أنه يجب على العوام الرجوع إلى العلماء في تكاليفهم الشرعية، وإنما الخلاف في ثبوت الإجماع. قلت: وما ذكره حق وإن لم يقل بوجوب التقليد والالتزام؛ لأن المراد أنه يجب على العوام السؤال عن الحكم والرجوع إلى العلماء في ذلك قطعاً، هذا ما ظهر في توجيه هذا المقام، وإذا تأملت فطريقة أبي الحسين في الاستدلال للمذهب المختار كما سيأتي قريباً أسلم وأقوى، وقد اعتمد طريقته في شرح الجوهرة، والله أعلم.


(١) في الفروع.

(٢) قال في الفصول: والمختار أن الحكم المجمع عليه إن كان من فنه أو يتمكن من النظر فيه اعتبر، وإلا فلا. قال في حاشيته: وهذا على قولنا بتجزؤ الاجتهاد وكان مجتهداً فيه، قال: وهو أحد قولي المنصور بالله، وذكره الحفيد والإمام يحيى.

(*) وقيل: كل منهما؛ لنوع من الأهلية. (فصول بدائع).

(٣) يقال: محل النزاع؛ إذ حرمة مخالفتهم ووجوب متابعتهم فرع ثبوت الإجماع بدونهم.

(*) إن قيل: الواجب على المقلد العمل عند التضيق بقول واحد إن اختلفوا، وبقولهم معاً إن اجتمعوا؛ لعدم طريق له في العمل إلا التقليد⁣[⁣١]، لا أنه يجب عليه الموافقة واعتقاد صحة ما قالوا عند المخالف؛ لعدم حصول الإجماع مع خلافه عند من اعتبره.


[١] في المطبوع: إلا التقليد له.