[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]
  (فلو اعتبر) غير المجتهد لكان قوله جزءاً من الحجة، ولو كان كذلك (لزم النقيض) لكون قولهم حجة، وهو كونه ليس بحجة؛ لانعدام الكل(١) بانعدام جزئه، وعموم دليل الإجماع مخصص بالإجماع الذي ذكرناه(٢)، والقرب إلى مقصود الاجتهاد
(قوله): «لزم النقيض لكون قولهم حجة» اللام متعلقة بالنقيض صلة له، وليست للتعليل.
(قوله): «عموم دليل الإجماع» وقد أشار المؤلف # إلى جواب هذه الشبهة بقوله فيما يأتي: وعموم دليل الإجماع مخصص بالإجماع الذي ذكرنا، أعني قوله: المقلدون يجب وفاقهم للمجتهدين إجماعاً. وفي المنهاج أن دليل الإجماع مخصص بالعقل، فإنا نقطع بأنه لا تأثير للانقياد من غير اعتقاد لقوة دليل الإجماع أو ضعفه إلى آخر ما ذكره في المنهاج، ففيه بسط تركناه خشية التطويل.
(قوله): «مخصص بالإجماع الذي ذكرنا» يعني سابقاً حيث قال: المقلدون يجب عليهم وفاقهم للمجتهدين إجماعاً.
(قوله): «والقرب إلى مقصود الاجتهاد» إشارة إلى شبهة القائل بأنه يعتبر الأصولي، وذلك أنه استدل بأن الأصولي أقرب إلى مقصود الاجتهاد؛ لعلمه بمدارك الأحكام على اختلاف أقسامها وكيفية دلالتها وكيفية تلقي الأحكام من منطوقها ومفهومها.
(١) هو قول المجتهدين وقول غيرهم، «بانعدام جزئه» هو قول غير المجتهدين على فرض اعتباره، فيكون جزءاً.
(٢) أراد الإجماع على أن العامي يجب عليه موافقة المجتهدين، وأراد بدليل الإجماع قوله ÷: «لن تجتمع أمتي على ضلالة» ونحوه من الأدلة العامة الشاملة للعامي. لكن أنت خبير بأن تخصيص هذه الأدلة العامة بهذا الإجماع لا يتم إلا بعد ثبوت كون الإجماع من حيث هو حجة، وثبوت كونه حجة متوقف على قيام الدليل عليه، وقد تقرر في موضعه أنه لا يصح الاستدلال بالدليل العام إلا بعد البحث عن مخصصه، فحينئذ ثبوت التخصيص متوقف على الدليلية، أي: كون الإجماع دليلاً، وثبوتها قد توقف على كون هذا الإجماع مخصصاً، وهذا دور. لا يقال: ثبوت دليل الإجماع إنما يتوقف على البحث عن المخصص لا على كونه مخصِّصاً حتى يلزم توقف الدليلية عليه وقد توقف عليها كما هو محصل دعوى الدور؛ لأنه يقال: معنى البحث عن المخصص نظر المجتهد في الأدلة الخاصة هل تصلح للتخصيص أو لا، وهو - أي: النظر المذكور - متوقف على كون ذلك الخاص دليلاً، والله سبحانه أعلم. (من أنظار سيدي المولى العلامة المحقق صفي الدين أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن الإمام رحمهم الله تعالى). ولفظ حاشية: ولا دور في الاستدلال مطلقاً؛ لأن المخصوص هو عموم دليل الإجماع الذي يعم المجتهدين وغيرهم، وهو غير الإجماع؛ ضرورة اختلاف الدليل والمدلول، والخاص هو الإجماع الخاص نفسه على وجوب اتباع المقلد المجتهد، وإلا لزم النقيض كما عرفت، فلا توقف لأحدهما على الآخر، ولو سلم فالمفارقة الاعتبارية كافية في دفع الدور؛ إذ الخاص الإجماع الخاص، والمخصوص دليل الإجماع مطلقاً.