[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]
  فلا ينعقد إجماع من دونهما، ونسبه في الفصول إلى بعض أئمتنا(١) وأبي هاشم وجمهور الأشعرية.
  (و) القول الثاني: (عدمه) أي: عدم الاعتبار (مطلقاً(٢)) أي: في كافر التأويل وفاسقه، ونسبه في الفصول إلى جمهور أئمتنا وأبي علي والقاضي عبدالجبار.
  (و) القول الثالث: يعتبر (الفاسق في حق نفسه) أي: لا في حق غيره، فلا يكون الاتفاق مع مخالفته حجة عليه، ويكون حجة على من سواه.
  (و) القول الرابع: يعتبر الفاسق (مطلقاً) وهو قول الغزالي.
  وقول خامس مروي عن جعفر بن مبشر: إنه يعتبر إجماع أهل القبلة جميعاً إلا الخوارج والرافضة؛ وذلك لأنهم يتبرؤون من السلف ويكفرونهم: أما الخوارج فلتكفيرهم علياً وعثمان وجلة الصحابة، وأما الرافضة - وهم الذين رفضوا إمامة زيد بن علي # - فلتكفيرهم أبا بكر وعمر وعثمان وجلة الصحابة أيضاً(٣).
  وقول سادس عن بعضهم: إن الخوارج والرافضة معتبرون في البحث لا النقل؛ لأنهم أفسدوه على أنفسهم بتكفيرهم الصحابة، فربما رووا المنسوخ من
(قوله): «لأنهم يتبرؤون» في شرح الجوهرة للدواري: أن تبرأهم إنما يمنع من روايتهم، لطرحهم الرواية عن السلف. قلت: وسيأتي توضيح ما ذكره في القول السادس، قال الدواري: فالأولى أن يقال: لا يعتد بهم لأنهم أهل كبيرة.
(قوله): «لأنهم أفسدوه ... إلخ» أي: أفسدوا على أنفسهم النقل؛ لأنهم بتكفيرهم لعيون الصحابة والمؤمنين لا يرجعون إلى أقوالهم والرواية عنهم، فربما رووا المنسوخ عن غيرهم وطرحوا الناسخ المروي عنهم، وأما البحث فهم فيه وغيرهم على سواء.
(١) الإمام يحيى.
في المعيار وشرحه عن أبي هاشم ما لفظه: قال أبو هاشم: بل المعتبر المصدقون لنبينا ÷ من مؤمن وفاسق؛ إذ عمدته في الاحتجاج على كون الإجماع حجة إنما هو الخبر، أعني قوله ÷: «لا تجتمع أمتي على ضلالة» ونحوه، وظاهره عام لجميع أمته، والأمة تطلق على المصدق له من مؤمن وفاسق. اهـ وادعى في الفصول الإجماع على عدم الاعتداد بكافر التصريح وفاسقه، ونظر بعض الشارحين دعواه الإجماع في فاسق التصريح.
(٢) قيد للاعتبار وعدمه.
(٣) الظاهر أنهم معتبرون؛ لأنهم من الأمة. (شرح حابس معنى).