[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]
  غيرهم وطرحوا الناسخ الذي يروونه عنهم؛ لسوء اعتقادهم فيهم.
  إذا عرفت ذلك فالقائلون بالاعتبار هم الذين لا يُكَفِّرون بالتأويل من أئمتنا وغيرهم؛ لأنه لم يخرج من الأمة عندهم، والقائلون بعدمه المكفرون، وذلك لخروجه بكفره عن مسمى الأمة المشهود لها بالعصمة وإن صلى إلى القبلة واعتقد نفسه مسلماً؛ لأن الأمة ليست عبارة عن المصلين إلى القبلة، بل عن المسلمين، وهو كافر، والإسلام والكفر لا يجتمعان.
  (و) أما فاسق التأويل فالأقرب اعتباره؛ لأن (الأدلة) الدالة على حجية الإجماع (لا تنتهض دونه(١)) لأن الفسق لا يخرجه عن مسمى الأمة، والعلم بخطئه في أمر
(قوله): «هم الذين لا يكفرون بالتأويل» مثل هذا ذكره ابن الحاجب، وقد اعترضه في حواشي الفصول بأن مذهب البصرية إكفار المتأولين بما يتضمن كفراً، وأبو هاشم من رؤوسهم، ومذهبه القبول. قلت: والأولى اعتماد ما في المنهاج للإمام المهدي #، وقريب منه في شرح الجوهرة، وهو أن اعتبار المتأول وعدم اعتباره يتفرع على الاستدلال على حجية الإجماع، فأبو علي قال: المعتبر المؤمنون، يعني القائمين بالواجبات المجتنبين القبائح؛ إذ حجته قوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ..} الآية [البقرة: ١٤٣]، ومن حق الشهادة[١] العدالة، وأبو هاشم قال: المصدقون لنبيئنا ÷ كفاراً كانوا أو فساقاً إذا كانوا متأولين؛ إذ عمدته في الاحتجاج على كون الإجماع حجة هو الخبر، وهو قوله ÷: «لا تجتمع أمتي على ضلالة» ونحوه.
(قوله): «وذلك لخروجه بكفره عن مسمى الأمة» الذي بنى عليه الدواري شمول الآية لكافر التأويل وفاسقه جميعاً. قال: لأن الاستدلال بالأخبار التي دلت على أن الأمة لا يجوز عليها الخطأ يقضي بدخول أهل التأويل في الإجماع فسقة كانوا أم كفرة. ومختار ابن الحاجب عدم شمول الآية لكافر التأويل عند المكفر كما اختاره المؤلف.
(قوله): «لأن الفسق لا يخرجه عن مسمى الأمة» يلزم أن يعتبر فاسق التصريح؛ لأنه لم يخرج عن مسمى الأمة، وقد سبق ما عرفته.
(١) فليس من سواه كل الأمة، والدليل إنما دل فيه، وكل حكم شرعي لا دليل عليه وجب نفيه. (عضد). وذلك كالحكم الشرعي الذي فرض الاتفاق عليه من غير[٢] المجتهد المبتدع أو كحجية الإجماع فيما نحن فيه، والحكم بكونه لا دليل عليه مطلقاً إما بناء على أن القوم بذلوا جهدهم في إثبات حجية الإجماع، فلو كان هناك دليل آخر ينبغي أن لا يفوت عن هؤلاء الجماهير الأعلام [رؤساء أهل الإسلام[٣]] المفتشين له الباحثين عنه، أو على أن الأصل عدمه، وتحقيقه ما سيجي أن كل حكم شرعي لا مدرك له شرعاً فعدم المدرك الشرعي مدرك شرعي لعدمه، أما عند المعتزلة فبناء على قاعدة اللطف، وأما عند الأشاعرة فبناء على حكم العادة، وبما قررنا ظهر فائدة التقييد بالشرعي. (ميرزاجان).
(*) وهذه العلة جارية في حق فاسق التصريح، وهو فاسق الجارحة، ولم يتعرض له، ولعل حكمه كذلك، والله أعلم. (مغربي).
[١] في المنهاج: الشهود.
[٢] في المطبوع: من المجتهد. والمثبت من حاشية ميرزاجان.
[٣] ما بين المعقوفين غير موجود في حاشية ميرزاجان.