[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]
  لا يوجب العلم بخطئه في كل أمر، ولأن الفاسق المجتهد يلزمه أن يتبع في وقائعه ما يؤدي إليه اجتهاده، وذلك يقتضي أن لا ينعقد الإجماع عليه في حقه، وإذا لم ينعقد في حقه استحال تبعيض حكمه حتى يقال: انعقد من وجه دون وجه(١).
  احتج النافون لاعتباره: بالقياس على الكافر بجامع عدم العدالة.
  (و) الجواب: منع علية الوصف للحكم، بل إنما لم يعتبر (الكافر لأنه ليس من الأمة، فلا) يصح (قياس) الفاسق (عليه)(٢).
  الطرف السادس: في الخلاف في اشتراط كون المجمعين من الصحابة (و) المختار وفاقاً لأكثر العلماء أن الإجماع (لا يختص بالصحابة) وحدهم، بل إجماع أهل كل عصر حجة، وخلافاً للظاهرية(٣) وإحدى الروايتين عن ابن
(١) وبهذا يحصل الرد للقول الثالث.
(٢) والحنفية تشترط عدالة المجتهد، فلا يتوقف الإجماع على موافقة المجتهد غير العدل، نص الجصاص على أنه الصحيح عندنا، وعزاه السرخسي إلى العراقيين، وابن برهان إلى كافة الفقهاء والمتكلمين، والسبكي إلى الجمهور؛ لأن الدليل الدال على حجية الإجماع يتضمنها، أي: العدالة؛ إذ الحجية لإجماع الأمة إنما هي للتكريم لهم، ومن ليس بعدل ليس من أهل التكريم، وهذا بناء على القول بثبوتها لهم بمعنى معقول، ولوجوب التوقف[١] في إخباره بأن رأيه كذا، قال تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ...} الآية [الحجرات: ٦]. وقال السرخسي: والأصح عندي أنه إن كان معلناً بفسقه فلا يعتد بقوله، وإلا يعتد بقوله في الإجماع وإن علم فسقه حتى ترد شهادته؛ إذ يقطع لمن يموت مؤمناً مصراً على فسقه أنه لا يخلد في النار، فهو أهل للكرامة بالجنة، فكذلك في الدنيا باعتبار قوله في الإجماع. (تحرير ابن الهمام وشرحه لبادي شاه).
(٣) حيث قالوا: إجماع من عداهم ليس بحجة، قال الشارح: وهو ظاهر كلام ابن حبان في صحيحه. (شرح تحرير).
(*) المتمسكين بظواهر الكتاب والسنة؛ وذلك لأن ظواهر الكتاب والسنة مخصوصة بالحاضرين بزعمهم، أقول: ولم ينتبهوا أنه لو خص الآيات والروايات الدالة على حجية الإجماع بالحاضرين لزم عدم اعتبار الصحابي الذي بلغ درجة الاجتهاد بعد نزول الآيات وصدور الروايات، إلى قول ميرزاجان: اعترف بجوازه فخذه.
[١] في المطبوع: التوثق. والمثبت من تحرير ابن الهمام.