هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]

صفحة 178 - الجزء 2

  وإذا قلنا بعدم اشتراط العدد فلو لم يبق إلا واحد⁣(⁣١) من المجتهدين (فالواحد حجة⁣(⁣٢)) على المختار (لمضمونه) أي: لمضمون دليل الإجماع، وهو أنه لا يخرج الحق عن هذه الأمة، فلو لم يكن قول الواحد حقاً لخولف مضمون السمعي وإن لم يخالف صريحه.

  (وقيل: لا) يكون قول الواحد حجة، وهو قول الدواري من أصحابنا والسبكي؛ لأن الاجتماع هو المنفي عنه الخطأ، فلا يقطع بانتفائه عن قول⁣(⁣٣) الواحد (لعدم صدق الاجتماع) فيه؛ لأن أقل ما يصدق به الاجتماع اثنان.

  قلنا: كما تمتنع مخالفة صريح الدليل تمتنع مخالفة مضمونه.

  الطرف الثامن: في اشتراط انقراض العصر⁣(⁣٤) (و) المختار: أنه (لا) يشترط (الانقراض) وهو قول أصحابنا وأكثر الشافعية والحنفية والمعتزلة


(١) أي: فلو لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد.

(٢) أي: فقول الواحد حجة، ولا يظن من كونه حجة أنه يسمى إجماعاً؛ إذ لا يصدق تعريفه عليه؛ ولذا قال: حجة ولم يقل: إجماعاً، وإنما حجيته للدليل الدال على أن الحق لا يخرج عن هذه الأمة، فمع انحصار مجتهديهم فيه لو لم يكن حجة لخرج الحق عنهم، والحجة أعم من الإجماع، ولا يلزم من صدق الأعم صدق الأخص. اهـ لفظ العضد: وإذا قلنا: لا يشترط فلو لم يبق من المجتهدين إلا واحد فقيل: قوله حجة؛ لمضمون السمعي - وهو أنه لا يخرج الحق عن هذه الأمة - وإن لم يخالف صريحه؛ لعدم صدق سبيل المؤمنين واجتماع الأمة عليه. اهـ وفي حاشيته السعدية: قوله: «لمضمون السمعي» يعني لو لم يكن قول ذلك الواحد حقاً لخولف مضمون السمعي - وهو عدم خلو الأمة عن قائل بالحق مطلع عليه - وإن لم يخالف صريحه، بناء على أن قول ذلك الواحد ليس سبيل المؤمنين أو إجماع الأمة أو نحو ذلك، وكما تمتنع مخالفة صريح الدليل تمتنع مخالفة مضمونه. اهـ وفي جواهر التحقيق: [قوله: وكما تمتنع مخالفة صريح الدليل] ولقائل أن يقول: لو كانت المخالفة لصريح الدليل ممتنعة لكانت حجية قول ذلك الواحد ممتنعة؛ لاستلزام حجيته جواز المخالفة للصريح، لكن اللازم باطل؛ لكون حجيته ثابتة بمضمون السمعي. ويمكن أن يجاب عنه: بأن امتناع مخالفة صريح الدليل لا تقتضي إلا امتناع حجيته بالنسبة إلى صريح الدليل، ولا يلزم من امتناع حجيته بالنسبة إلى صريح الدليل امتناع حجيته بالقياس إلى مضمون السمعي، وهو ظاهر. (جواهر التحقيق).

(٣) في المطبوع: عن الواحد.

(٤) في انعقاد إجماعهم وكونه حجة. (عضد).