[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]
  والأشاعرة(١) (لذلك) الذي تكرر، وهو عموم أدلة الإجماع لما انقرض عصره وما لم ينقرض.
  (وقيل: يشترط) وهو مذهب أحمد بن حنبل والأستاذ أبي بكر بن فَورك(٢). ومن الناس من فصل فقال: إن كان الإجماع لاتفاقهم على الحكم بأقوالهم أو بأفعالهم أو بهما فالانقراض لا يكون شرطاً، وإن كان الإجماع بذهاب واحد من أهل الحَلِّ والعَقْد إلى حكم وسكوت الباقين عن الإنكار مع اشتهاره فيما بينهم - وهو المراد بالإجماع السكوتي - كان شرطاً(٣)، وهذا رأي أبي علي الجبائي كما يجيء إن شاء الله تعالى.
  وقال الجويني: إن كان(٤) عن قياس كان شرطاً، وإلا فلا، وإليه الإشارة بقوله: (وقيل: إن كان عن قياس).
  قالوا: لو لم يشترط لما جاز رجوع المجتهد عن اجتهاده(٥)، لكن الرجوع جائز ثابت (إذ وافق علي # الصحابة في منع بيع أم الولد ثم رجع) عنه، قالوا: قال علي #: «كان رأيي ورأي عمر أن لا يبعن، وقد رأيت الآن أن يبعن»، فقال
(قوله): «قالوا: لو لم يشترط لما جاز ... إلخ» بيان ذلك أنه إذا تغير اجتهاد بعض المجمعين وقد انعقد الإجماع باجتهاده فيحكم باجتهاده الأول، ولا يمكن من العمل باجتهاده الثاني؛ لمخالفته الإجماع، وذلك ما ادعينا.
(١) فإذا اتفقوا ولو حيناً لم يجز لهم ولا لغيرهم مخالفته، وعليه المحققون. (عضد).
(٢) بفتح الفاء، ولا يصح ضمها عند المحققين كما نبه عليه القرافي، وهو من العلماء الأجلة في المعقول والمنقول. (شرح جمع). اختلف القائلون باشتراط انقراض العصر في فائدته، فذهب الجمهور إلى أنه يعتبر موافقة اللاحقين ومخالفتهم؛ حتى لا تصير المسألة إجماعية مع مخالفتهم، وذهب أحمد بن حنبل وجماعة إلى أنه لا يعتبر، بل فائدته تمكن المجمعين من الرجوع؛ حتى لو انقرضوا مصرين كانت المسألة إجماعية لا عبرة فيها بمخالفة الآخرين. فعلى الأول أهل الإجماع هم السابقون واللاحقون جميعاً، لكن إنما يشترط انقراض السابقين فقط، وعلى الثاني هم السابقون فقط، فيصح [اشتراط[١]] انقراض المجمعين كلهم. (سعد).
(٣) لضعف الإجماع السكوتي.
(٤) ناشئاً.
(٥) فيما كان عن قياس.
[١] ما بين المعقوفين من حاشية السعد.