هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في الإجماع السكوتي]

صفحة 180 - الجزء 2

  عبيدة⁣(⁣١) السلماني: رأيك مع الجماعة أحب إلينا⁣(⁣٢) من رأيك وحدك⁣(⁣٣).

  (ورد بالمنع) أي: لا نسلم ثبوت الرجوع، ولو سلم فلا نسلم ثبوت الإجماع قبل الرجوع؛ لأن⁣(⁣٤) كلام علي وعبيدة إنما يدل على اتفاق جماعة عليه لا على أنه قول كل الأمة، ويؤيده: أن جماعة من الصحابة كابن مسعود وجابر بن عبدالله وابن الزبير وابن عباس في رواية عنه قالوا بالجواز أيضاً.

[الكلام في الإجماع السكوتي]

  مسألة: إذا قال واحد⁣(⁣٥) أو جماعة بقول فإما أن ينتشر أو لا، إن لم ينتشر⁣(⁣٦)


(قوله): «السلماني⁣[⁣١]» بسكون اللام، وسلمان بطن من مراد من قبائل اليمن. كذا في القاموس.

(قوله): «رأيك مع الجماعة» أخرجه عبدالرزاق عن ابن سيرين.

(قوله): «إذا قال واحد أو جماعة بقول فإما أن ينتشر ... إلخ» أي: يشتهر، ولا بد من زيادة ولم ينكره⁣[⁣٢] أحد، وكأنه مراد المؤلف، ولذا قال في مقابله: فعدم الإنكار ... إلخ. وأما اشتراط معرفة الباقين من المجتهدين مع الانتشار فلم يعتبره المؤلف #؛ لأن الانتشار بين أهل العصر مغن عنه، ولذا قال فيما يأتي: وإن انتشر فعرف به الباقون، حيث عطف المعرفة عليه بالفاء. قلت: وهو الظاهر؛ إذ يبعد انتشار قول البعض بين أهل العصر بدون معرفة الباقين من المجتهدين، وإن كان في شرح الجمع ما يقضي بخلاف ذلك حيث قال: فإن انتشر ولم يدر هل علموا به أو لا. وأما شارح المختصر فعبارته توهم أنه جعل الانتشار شرطاً مع معرفة المجتهدين؛ لأنه بعد أن جعل المعرفة شرطاً واستوفى البحث قال⁣[⁣٣]: واعلم أن هذا كله إذا أفتى وانتشر بين أهل عصره ولم ينكر، وأما إذا لم ينتشر فعدم الإنكار لا يدل على الموافقة قطعاً، وبه قال الأكثرون؛ لأنه يجوز أن لا قول لهم فيه، أو لهم قول مخالف لم ينقل، بخلاف ما تقدم. اهـ مع أنه يمكن تأويل عبارته بأن الانتشار مع المعرفة شرط في خلاف آخر⁣[⁣٤]، يظهر ذلك بتأمل كلامه، والله أعلم. والمؤلف # لم يعترض لما ذكره شارح المختصر من قوله: واعلم ... إلخ لكون كلامه مبنياً على أن الانتشار مغن عن اشتراط معرفة الباقين كما عرفت، وذلك ظاهر.


(١) بفتح العين. (من شرح التحرير).

(٢) في نسخة: إلي.

(٣) فدل قول عبيدة أن الإجماع كان حاصلاً مع أن علياً # رجع. (أصفهاني على منهاج البيضاوي).

(٤) عبارة الأصفهاني في شرح المنهاج: فإن قول عبيدة السلماني: رأيك في الجماعة أحب - دل على أن المنع من بيع المستولدات كان رأي جماعة، ولم يدل على أنه رأي كل الأمة، يدل على ذلك قول علي ¥: كان رأيي ورأي عمر، فأراد عبيدة أن ينضم قول عمر إلى قول علي ¥؛ لأنه رجح قولهما على قول علي وحده.

(٥) أو عمل. (فصول بدائع).

(٦) بأن لم يبلغ الكل. (محلي).


[١] السلماني - بسكون اللام -: نص عليه الحذاق، وقال بعضهم: صح بإسكان اللام. اهـ وفي حاشية: بفتح اللام وسكونها. (كاشف). قوله: «وسلمان» بن ناجية.

[٢] سيأتي للمؤلف الزيادة في النشر، فلا حاجة إلى الذكر هنا فتأمله. (ح عن خط شيخه).

[٣] لفظ (قال) ثبت في بعض النسخ. (ح).

[٤] غير ما ذكرنا في بحث المسألة، وعلى الجملة فما ذكره المؤلف لا غبار عليه. كذا في بعض النسخ وصحح نسخة. (حسين بن أحمد السياغي). وعليه ما لفظه: تأمل في كلام شرح المختصر؛ فإنه لم يفهم منه مقصود المحشي. (ح عن خط شيخه).