هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في الإجماع السكوتي]

صفحة 184 - الجزء 2

  إفادة الاتفاق ظناً كقولٍ ظاهرِ الدلالة غير قطعيها، وحينئذ يصدق عليه سبيل المؤمنين وقول كل الأمة، وبالجملة فليس الظن الحاصل به بأقل من الظن الحاصل بالقياس وظواهر أخبار الآحاد، فوجب العمل به⁣(⁣١).

  واحتج القائلون بالمذهب الأول: بما ذكرناه من ظهور السكوت في الموافقة⁣(⁣٢)، فقلنا في الجواب عليه: (وهذا غير كاف للأول) لأنه يدعي كونه إجماعاً قطعياً، والظهور لا يفيد مطلوبه.

  وقال أبو علي الجبائي⁣(⁣٣): الاحتمالات من تجويز ترك الإنكار لعدم تمام النظر أو لتعارض الأدلة أو للتوقير والتعظيم أو للهيبة أو للفتنة⁣(⁣٤) كما نقل عن ابن عباس في مسألة العول أنه سكت أولاً⁣(⁣٥) ثم أظهر الإنكار فقيل له في ذلك فقال: إنه والله كان رجلاً مَهِيْباً فَهِبته⁣(⁣٦) - يعني عمر - أو لغير ذلك - تكون قبل الانقراض قوية فلا يكون إجماعاً، وأما بعد الانقراض فتضعف الاحتمالات [فيكون ظاهراً في الموافقة]⁣(⁣٧) فيكون إجماعاً.


(قوله): «الاحتمالات» مبتدأ، وقوله: «تكون قبل الانقراض» خبره.

(قوله): «كما نقل عن ابن عباس ®» أخرجه البيهقي مطولاً من حديث الزهري، وأخرجه الحاكم مختصراً.


(١) قال في شرح الفصول للسيد صلاح: وهذا هو الحق والإنصاف.

(*) في شرح الأصفهاني على المنهاج: قال أبو هاشم: العلماء لا يزالون يتمسكون بالقول المنتشر في الصحابة إذا لم يعرفوا له مخالفاً، وذلك يدل على أنه حجة، وإلا لم يتمسكوا به، وجوابه: المنع من التمسك به، وأنه إثبات الشيء بنفسه، فإن التمسك بالقول المنتشر مع عدم الإنكار هو المتنازع فيه؛ لأنه كقول البعض وسكوت الباقين، والله أعلم وأحكم.

(٢) يعني أن سكوتهم دليل ظاهر في موافقتهم فكان إجماعاً.

(٣) وكذا الإمام سراج الدين في شرحه للفرائض.

(٤) أي: لخشية ثورانها. (غاية وصول بالمعنى).

(٥) يعني قبل موت عمر «ثم أظهر الإنكار» يعني بعد موته.

(٦) نسخة، ولم يثبت في نسخة المصنف ولا العضد.

(٧) ما بين المعقوفين ساقط من المطبوع.