[الكلام في مستند الإجماع]
  (و) الجواب: أن (العراء(١)) عن الفائدة لو كان عن مستند (ممنوع) إذ فائدته سقوط البحث(٢) وحرمة المخالفة(٣) (وإن سلم) ما ذكروه (لم يصح عن سند) وذلك مما لم يقل به أحد.
  إذا عرفت أن الإجماع لا بد له من سند(٤) فهاهنا (فرع) يترتب عليه، فنقول: (ما أجمع على مُوْجَبِه) من الأدلة إما أن يكون قطعياً أو ظنياً (إن كان قطعياً) عند أهل الإجماع (فهو السند) لذلك الإجماع قطعاً؛ لامتناع أن لا يقفوا على
(قوله): «إن كان قطعياً عند أهل الإجماع» بأن يكون[١] نصاً في دلالته متواتراً في نقله.
(قوله): «فهو السند لذلك الإجماع قطعاً» يرد هنا ما سيأتي نقلاً عن أبي الحسين من أنه وإن تواتر إلينا خبر صريح فيما أجمعوا عليه فإنه لا يمنع من تجويز[٢] كونهم أجمعوا لخبر آخر تواتر إليهم قبل هذا الخبر ثم استغنوا بنقل الإجماع عن نقل ذلك الخبر. قلت: وكلامه قوي، وقول المؤلف #: «لامتناع أن لا يقفوا على القطعي مع طلبهم لما يدل على الحكم» لا يدفع ما ذكره أبو الحسين؛ لأن كلامه مبني على أنهم قد تواتر إليهم خبر آخر قطعي أيضاً فلا امتناع. واعلم أنهم ذكروا في هذا المقام مسألتين على ما في الفصول والمنهاج والقسطاس وشرح الجوهرة: الأولى: أن يتواتر إلى أهل الإجماع وإلى من بعدهم ويكون نصاً، فهذه المسألة هي التي حكى فيها صاحب الفصول الاتفاق. المسألة الثانية: أن يتواتر إليهم لا إلى من بعدهم، قال في الفصول: فإن علم بدليل أنه المستند فكالأولى، وإن لم يعلم بدليل أنه المستند فعند أئمتنا $ والجمهور منهم أبو هاشم أنه المستند قطعاً، وروى الخلاف فيها عن أبي عبدالله البصري. والمؤلف # قد أطلق ما حكاه في الفصول من الاتفاق ولم يقيده بكونه في المسألة الأولى، بل أشعر قوله: «إن كان قطعياً عند أهل الإجماع» أنه لم يتواتر لمن بعدهم، وأن الاتفاق في المسألة الثانية فقط، فينظر. وقد استشكل الإمام المهدي وشارح الجوهرة تواتره إليهم لا إلى من بعدهم؛ فإن المستند إذا لم يتواتر إلى من بعدهم فلا سبيل إلى القطع بأنه تواتر للمجمعين، فإنا نعلم ضرورة إحالة ذلك، وكيف يحصل لنا العلم بأنهم أجمعوا لأجله ولم ينقل إلينا أنه متواتر بينهم إلا من طريق الآحاد، وخبر الواحد لا يحصل به العلم؟ وقد أجابا عن هذا الإشكال بأن ذلك على سبيل الفرض والتقدير لا التحقيق، ومعناه أنه إذا نقل إلينا خبر آحادي صريح فيما أجمعت عليه الأمة ولم يتواتر إلينا فإنا نقطع بأنه إذا تواتر إليهم أنهم أجمعوا لأجله. ويمكن أن يجاب أيضاً بمثل ما ذكره أبو عبدالله من أن الخبر وإن كان في هذا الوقت من أخبار الآحاد فإن عادة الصحابة جارية بأنها كانت لا تتفق على مخبر الخبر إذا كان من الآحاد ... إلخ كلامه.
(١) في (أ، ج، د): العري.
(٢) عن كيفية دلالة السند وعن نفسه[٣] وتعدد الأدلة. (فصول بدائع).
(*) والاجتهاد عن المجتهد. (غاية الوصول).
(٣) بعد الإجماع، وقبله كان يجوز له مخالفة ذلك الدليل. (غاية الوصول).
(٤) في (أ، ج، د): مستند.
[١] في المطبوع: بأن يكون القطعي نصاً. والمثبت من نسخة.
[٢] لعله يمكن الجواب عنه بما ذكره نقلاً عن أبي هاشم فيما سيأتي قريباً. (ح).
[٣] في فصول البدائع: وعن تعيينه.