[تعريف أصول الفقه]
  التركيب في الاصطلاح(١) كالترتيب، إلا أنه لا يعتبر في مفهومه النسبة بالتقديم والتأخير. ويرادفه التأليف. وبه تخرج المفردات.
  ومن قضيتين لإخراج القضية الواحدة المستلزمة لعكسها(٢) أو عكس(٣) نقيضها فإنها مركبة لكن من المفردات.
  وإنما اعتبر الجهل في المطلوب حيث قيل: «للتأدي إلى مجهول» لاستحالة استعلام(٤) المعلوم
(قوله): «إلا أنه لا يعتبر في مفهومه»: أي: مفهوم التركيب، والنسبة بالتقدم والتأخر أي: النسبة بين أجزائه بالتقدم والتأخر كما اعتبر ذلك في الترتيب، وقد سبق بيان ذلك في قوله: ورتبته على مقدمة ... إلخ، فيكون الترتيب أخص من التركيب.
(قوله): «ويرادفه» أي: التركيب. وفي حاشية اليزدي تصريح بأن التأليف أخص من التركيب والترتيب؛ لأنه اعتبر في المؤلف المناسبة بين أجزائه، قال: لأنها مأخوذة من الألفة، صرح بذلك الشريف في حواشي الكشاف.
وقد ذكر في شرح القاضي زكريا أن الألفاظ الموضوعة للدلالة على ضم شيء إلى آخر ثلاثة: التأليف والتركيب والترتيب، فالتركيب: ضم الأشياء مؤتلفة كانت أو لا، مرتبة الوضع أو لا، فهو أعم من الآخرين مطلقاً. والتأليف: ضمها مؤتلفة، سواء كانت مرتبة الوضع كما في الترتيب - وهو جعلها بحيث يطلق عليها اسم الواحد ويكون لبعضها نسبة إلى بعض بالتقدم والتأخر وإن لم تكن مؤتلفة - أو لم تكن مرتبة الوضع، فهو أعم من الترتيب من وجه، وأخص من التركيب مطلقاً. وبعضهم جعل الترتيب أخص مطلقاً من التأليف أيضاً، وبعضهم جعلهما مترادفين.
(قوله): «المستلزمة لعكسها وعكس نقيضها» وسيأتي في أول بحث القياس بيان استلزامها إن شاء الله تعالى.
(قوله): «فإنها مركبة لكن من المفردات» أي: المحمول والموضوع.
(قوله): «للتأدي إلى مجهول» أي من الوجه ... إلخ» يعني فلا بد أن يكون المطلوب مجهولاً من ذلك الوجه، وقوله: «وإن وجب أن يكون» أي: المطلوب «معلوماً بوجه آخر» غير ذلك الوجه الذي يطلب بالنظر تحصيله، مثلاً: الإنسان يعلم من حيث إنه موجود فلا يطلب من هذه الحيثية، ثم يراد تمييزه من بين الموجودات فينظر فيه ليطلع على معان ذاتية وعرضية عامة أو خاصة[١] له، فيطلب ليمتاز عن غيره =
(١) المفهوم من كلام المحقق اليزدي في حاشية التهذيب أن التركيب ضم كلمة إلى أخرى سواء كان بينهما نسبة أم لا، وأن التأليف ضم أحد الجزئين إلى الآخر وبينهما نسبة، قال: لأنه مأخوذ من الألفة، صرح بذلك المحقق الشريف في حاشية الكشاف. (مختصراً من خط قال فيه: من خط السيد حسين الأخفش).
(٢) نحو: كل إنسان حيوان، عكسه: بعض الحيوان إنسان، وعكس: كل إنسان حيوان عكس النقيض: كل لا حيوان لا إنسان.
(٣) في المطبوع: وعكس.
(٤) السين والتاء زائدتان للتأكيد لا للطلب، وإلا فيرد أن طلب المحال عبث لا محال.
[١] الظاهر أن يقال: ذاتية وعرضية عامة وخاصة؛ إذ التعريف إنما يكون بعامٍ - ذاتي كالجنس أو عرضي كالعرض العام - وخاصٍ كالفصل والخاصة، والله أعلم فتنبه. اهـ ح قال: عن خط شيخه الحسن بن إسماعيل المغربي.