هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف أصول الفقه]

صفحة 94 - الجزء 1

  التركيب في الاصطلاح⁣(⁣١) كالترتيب، إلا أنه لا يعتبر في مفهومه النسبة بالتقديم والتأخير. ويرادفه التأليف. وبه تخرج المفردات.

  ومن قضيتين لإخراج القضية الواحدة المستلزمة لعكسها⁣(⁣٢) أو عكس⁣(⁣٣) نقيضها فإنها مركبة لكن من المفردات.

  وإنما اعتبر الجهل في المطلوب حيث قيل: «للتأدي إلى مجهول» لاستحالة استعلام⁣(⁣٤) المعلوم


(قوله): «إلا أنه لا يعتبر في مفهومه»: أي: مفهوم التركيب، والنسبة بالتقدم والتأخر أي: النسبة بين أجزائه بالتقدم والتأخر كما اعتبر ذلك في الترتيب، وقد سبق بيان ذلك في قوله: ورتبته على مقدمة ... إلخ، فيكون الترتيب أخص من التركيب.

(قوله): «ويرادفه» أي: التركيب. وفي حاشية اليزدي تصريح بأن التأليف أخص من التركيب والترتيب؛ لأنه اعتبر في المؤلف المناسبة بين أجزائه، قال: لأنها مأخوذة من الألفة، صرح بذلك الشريف في حواشي الكشاف.

وقد ذكر في شرح القاضي زكريا أن الألفاظ الموضوعة للدلالة على ضم شيء إلى آخر ثلاثة: التأليف والتركيب والترتيب، فالتركيب: ضم الأشياء مؤتلفة كانت أو لا، مرتبة الوضع أو لا، فهو أعم من الآخرين مطلقاً. والتأليف: ضمها مؤتلفة، سواء كانت مرتبة الوضع كما في الترتيب - وهو جعلها بحيث يطلق عليها اسم الواحد ويكون لبعضها نسبة إلى بعض بالتقدم والتأخر وإن لم تكن مؤتلفة - أو لم تكن مرتبة الوضع، فهو أعم من الترتيب من وجه، وأخص من التركيب مطلقاً. وبعضهم جعل الترتيب أخص مطلقاً من التأليف أيضاً، وبعضهم جعلهما مترادفين.

(قوله): «المستلزمة لعكسها وعكس نقيضها» وسيأتي في أول بحث القياس بيان استلزامها إن شاء الله تعالى.

(قوله): «فإنها مركبة لكن من المفردات» أي: المحمول والموضوع.

(قوله): «للتأدي إلى مجهول» أي من الوجه ... إلخ» يعني فلا بد أن يكون المطلوب مجهولاً من ذلك الوجه، وقوله: «وإن وجب أن يكون» أي: المطلوب «معلوماً بوجه آخر» غير ذلك الوجه الذي يطلب بالنظر تحصيله، مثلاً: الإنسان يعلم من حيث إنه موجود فلا يطلب من هذه الحيثية، ثم يراد تمييزه من بين الموجودات فينظر فيه ليطلع على معان ذاتية وعرضية عامة أو خاصة⁣[⁣١] له، فيطلب ليمتاز عن غيره =


(١) المفهوم من كلام المحقق اليزدي في حاشية التهذيب أن التركيب ضم كلمة إلى أخرى سواء كان بينهما نسبة أم لا، وأن التأليف ضم أحد الجزئين إلى الآخر وبينهما نسبة، قال: لأنه مأخوذ من الألفة، صرح بذلك المحقق الشريف في حاشية الكشاف. (مختصراً من خط قال فيه: من خط السيد حسين الأخفش).

(٢) نحو: كل إنسان حيوان، عكسه: بعض الحيوان إنسان، وعكس: كل إنسان حيوان عكس النقيض: كل لا حيوان لا إنسان.

(٣) في المطبوع: وعكس.

(٤) السين والتاء زائدتان للتأكيد لا للطلب، وإلا فيرد أن طلب المحال عبث لا محال.


[١] الظاهر أن يقال: ذاتية وعرضية عامة وخاصة؛ إذ التعريف إنما يكون بعامٍ - ذاتي كالجنس أو عرضي كالعرض العام - وخاصٍ كالفصل والخاصة، والله أعلم فتنبه. اهـ ح قال: عن خط شيخه الحسن بن إسماعيل المغربي.