هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في الخلاف في اختلاف أهل العصر الأول على قولين واتفاق من بعدهم على أحدهما]

صفحة 208 - الجزء 2

  والجويني والغزالي والآمدي وأبي بكر الصيرفي من أصحاب الشافعي⁣(⁣١).

  واحتج أهل القولين الآخرين: أما المانعون لوقوعه فبما أشار إليه بقوله: (إذ لو وقع) لكان حجة؛ لتناول الأدلة له، فيتعارض الإجماعان: إجماع هؤلاء على عدم تسويغ الآخر، وإجماع الأولين على تسويغ كل منهما، وأنه محال عادة.

  وأما المانعون لحجيته فبما أشار إليه بقوله: (أو كان حجة) يعني لو كان الاتفاق الواقع على الوجه المذكور حجة (تعارضا) أي: الإجماعان: إجماع الأولين على جواز الأخذ بكل من القولين وإجماع الآخرين على تعين أحدهما، فقوله «تعارضا» هو التالي في الحجتين، وقوله «لو وقع» مقدم الحجة الأولى، و «كان حجة» معطوف عليه، وهو مقدم الثانية، وقوله: (لأن اختلافهم إجماع على التخيير⁣(⁣٢)) بيان الملازمة؛ لأنها لا تتم إلا ببيان الإجماع الأول، فيحصل التعارض بينه وبين الثاني.

  (قلنا) في الجواب على ما احتج به الطائفتان: ما ذكرتموه من اتفاق الأولين على جواز الأخذ بكل من القولين (ممنوع) إذ كل فرقة تجوز ما تقول به وتنفي الآخر (سملنا⁣(⁣٣)) ذلك (فمع انتفاء القاطع) أي: مشروط بعدم ظهور القاطع في أحدهما، وهذا الشرط لا يوجد بعد تحقق الإجماع الثاني؛ لكونه قاطعاً.


(قوله): «تعارضا» جواب قوله: «إذ لو وقع»، وكذا قوله: «أو كان حجة»، وهذا معنى قول المؤلف⁣[⁣١] # فيما يأتي: إن قوله: «تعارضا» تالي الحجتين.


(١) وقواه الإمام يحيى بن حمزة # في الانتصار، وفي المعيار له # أنه لا يصح الإجماع بعد الخلاف قطعاً، وأن خلاف الميت معتبر وإن أجمع أهل العصر الثاني، وذكر أنه محكي عن بعض المتكلمين وبعض أصحاب الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة وأنه اختياره #، ذكر ذلك عنه السيد محمد بن إبراهيم عادت بركاته في الروض الباسم.

(٢) بمعنى أن المكلف له أن يختار ويرجح أي القولين شاء، فإذا انعقد بعدهم إجماع على أحد القولين امتنع التخيير المجمع عليه أولاً فتعارض الإجماعان. (شرح ابن جحاف).

(٣) أي: ولو سلم فإنما أجمعوا على تسويغ كل من القولين بشرط انتفاء القاطع المانع من ذلك التسويغ، وقد وجد القاطع، وهو الإجماع، فلا تعارض.


[١] فلا حاجة إلى هذا بعد تبيين المؤلف. (حسن كبسي. ح).