هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في اتفاق أهل العصر عقيب اختلافهم]

صفحة 212 - الجزء 2

[مسألة في اتفاق أهل العصر عقيب اختلافهم]

  المسألة الرابعة: الاتفاق من أهل العصر عقيب اختلافهم قبل استقراره - بأن لم يطل⁣(⁣١) زمان الاختلاف - جائز إلا عند شرذمة قليلة.

  (و) أما (الاتفاق بعد الخلاف⁣(⁣٢) المستقر) فالخلاف فيه (كما تقدم) في مسألة اتفاق العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول، إلا أن جواز وقوعه وكونه حجة أظهر⁣(⁣٣) مما سبق؛ لأنه لا قول لغيرهم مخالفاً لهم في هذه المسألة، وقولهم بعد ظهور خطئه والرجوع عنه لم يبق معتبراً، فهو اتفاق كل الأمة، بخلاف ما قبلها فإنه إذا اعتبر من خالفهم من الموتى فهم بعض الأمة؛ ولذا فرق الدواري بين المسألتين فقال في هذه المسألة: إنه يحسن الإجماع بعد الخلاف وإنه يكون حجة، بخلاف المسألة الأولى، ووجَّه الفرق بما ذكرناه.

  إذا عرفت ذلك فالقائل بالامتناع الإمام يحيى بن حمزة # والباقلاني، والجمهور على جوازه وكونه إجماعاً (وكل معتبري الانقراض جوزوه) لأنه لما وقع منهم الاتفاق في العصر الذي استقر فيه الخلاف لم يكن اختلافهم إجماعاً على تجويز الأخذ بكل من القولين؛ لعدم انقراض العصر، فلم يكن اتفاقهم رفعاً لمجمع


(قوله): «بأن لم يطل زمان الاختلاف» ينظر؛ فإنه لا مدخل⁣[⁣١] للطول وعدمه في استقرار الخلاف وعدمه.

(قوله): «وقولهم» مبتدأ، خبره قوله: لم يبق معتبراً، والمعنى أن قول المتفقين «بعد ظهور خطئه» أي: خطأ قولهم «والرجوع عنه» بسبب اتفاقهم «لم يبق معتبراً». وهذا جواب عما يقال: سلمنا أن لا قول لغيرهم، لكن لهم قبل الاتفاق قول معتبر، فهو كقول غيرهم، وحاصل الجواب أن قولهم لما ظهر خطؤه والرجوع عنه باتفاقهم لم يبق معتبراً، فهو اتفاق كل الأمة، بخلاف ما قبلها ... إلخ.

(قوله): «ووجه» أي: الدواري «الفرق بما ذكرناه» من كون من خالفهم من الموتى بعض الأمة.


(١) بأن تمضي عليه⁣[⁣٢] مدة يمكن كل أن يعمل بمقتضى مذهبه، وقال الإمام الحسن #: إن عدم الاستقرار أن يكون خلافهم وأقوالهم على طريق البحث عن المأخذ كما جرت به عادة النظار قبل اعتقاد حقية شيء من الطرفين. (شرح السيد صلاح للفصول).

(٢) في المطبوع: الاختلاف.

(٣) عبارة فصول البدائع: والحجية هاهنا أظهر؛ لأن قول البعض بعد الرجوع عنه لم يبق معتبراً، فهو اتفاق كل الأمة، بخلاف ما قبلها إذا اعتبر قول المخالفين من الموتى.


[١] يقال: هو لازم عرفاً.

[٢] في شرح الفصول: أي لم تمض عليه ... إلخ.