هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: إذا لم تفصل الأمة بين مسألتين فهل لمن بعدهم أن يفصل بينهما]

صفحة 213 - الجزء 2

  عليه، بخلاف إجماع العصر الثاني على أحد قولي الأولين فإنه رفع لمجمع عليه.

  وذهب الأقل إلى أنه ليس بإجماع.

  وحجة المانعين لوقوعه وحجيته كما تقدم من أنه لو وقع أو كان حجة تعارض الإجماعان منهم؛ بناء على عدم اشتراط الانقراض، والجواب: كما تقدم⁣(⁣١) أيضاً.

[مسألة: إذا لم تفصل الأمة بين مسألتين فهل لمن بعدهم أن يفصل بينهما]

  المسألة الخامسة: إذا لم تفصل الأمة بين مسألتين فهل يجوز لمن بعدهم أن يفصل بينهما؟ نظر: فإن قال أهل الإجماع بعدم الفصل أو علم أن طريقة الحكم فيهما واحدة لم يجز، وإلا فالمختار الفرق⁣(⁣٢)، والخلاف فيها كالخلاف في مسألة إحداث قول ثالث⁣(⁣٣)؛ ولذا لم يذكرها الآمدي ولا ابن الحاجب، بل


(قوله): «فإن قال أهل الإجماع بعدم الفصل ... إلخ» قد نقل الإمام المهدي # في المنهاج عن أبي الحسين زيادة تصوير وتفصيل يؤخذ منه بمعونة الله تعالى.

(قوله): «أو علم أن طريقة الحكم فيهما واحدة» قال الإسنوي: كتوريث العمة والخالة، فإن علة توريثهما كونهما من ذوي الأرحام، وكذلك علة عدم توريثهما، فكل من ورث واحدة [أو منعها]⁣[⁣١] قال في الأخرى كذلك، فصار بمثابة قولهم: لا تفصلوا بينهما.

(قوله): «وإلا» أي: وإن لم يقل أهل الإجماع بعدم الفصل ولا علم أن طريقة الحكم فيهما واحدة جاز الفرق، ومثال ما لم تكن الطريقة في المسألتين واحدة ما إذا قال بعضهم: لا زكاة في مال الصبي ولا في الحلي المباح، وقال بعضهم بالوجوب فيهما، فيجوز الفصل، ذكره الإسنوي.

(قوله): «والخلاف فيها كالخلاف في مسألة إحداث قول ثالث» ذكره الإمام المهدي # في المنهاج، فخذه من هنالك إن شاء الله تعالى، وأما شارح الجمع ففرق بينهما⁣[⁣٢] بأن التي قبلها مفروضة في الأعم من كون محل الحكم متحداً أو متعدداً، وهذه مفروضة في كون محل الحكم متعدداً، فالأولى أعم.


(١) منعنا الإجماع، سلمنا فمع انتفاء القاطع.

(٢) أي: جواز الفصل.

(٣) في الغيث الهامع شرح جمع الجوامع: تنبيه: توهم بعضهم أنه لا فرق بين هذه المسألة والتي قبلها؛ لأن الآمدي وابن الحاجب جمعا بينهما وحكما عليهما بحكم واحد؛ لأن في كل منهما إحداث قول ثالث، لكن الفرق بينهما أن هذه فيما إذا كان محل الحكم متعدداً، وتلك فيما إذا كان متحداً، كذا فرق القرافي وغيره، ويمكن أن يقال: تلك مفروضة في الأعم من كون المحل متعدداً وكونه متحداً، وهذه في كونه متعدداً، فالأولى أعم.


[١] ما بين المعقوفين من شرح الإسنوي.

[٢] وصدر الفرق بأن محل الحكم هنا متعدد وهناك متحد، ثم ذكر إمكان الفرق بما نقله المحشي بعد ذلك، والفرق إنما هو بين ماهيتي المسألتين، لا في الخلاف فيهما فهو واحد، والله أعلم. (حسن يحيى ح).