[الكلام في أن الدليل على عصمة الأمة يمنع ردتها]
[الكلام في أن الدليل على عصمة الأمة يمنع ردتها]
  مسألة: (الدليل) الدال على عصمة الأمة عن الخطأ (يمنع) وقوع (الردة(١)) منهم جميعاً؛ لأنها أعظم الخطأ، وكذلك الفسق، وشذ المجوزون، قالوا: الردة تخرجهم عن أن تناولهم تلك الأدلة [السمعية](٢) لأنهم إذا ارتدوا لم يكونوا أمة.
  (و) الجواب: أن ما ذكروه من (كونها تخرجهم مردود بصدق ضلت الأمة(٣)) وارتدت قطعاً(٤)، وهو محال، ووجه صدقه أن زوال اسم الأمة عنهم
(قوله): «وشذ المجوزون» لردة الأمة؛ استدلالاً بما ثبت في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان الذي في آخره: «ويبقى شرار الناس يتهارجون[١] فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة»، وبما ثبت في صحيحه أيضاً عن عبدالرحمن بن شماسة الذي في آخره: «ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة»، وبما ثبت في صحيح البخاري عن مرداس الأسلمي: «وتبقى حثالة كحثالة الشعير لا يعبأ الله بهم»، ونحو ذلك مما يدل على كفر الأمة جميعاً قبل الساعة. وقد أجاب في شرح الفصول بأن ذلك عند ارتفاع التكليف، وقيام الدلالة على عدم اجتماع الأمة على الخطأ إنما هو مع بقاء التكليف كما حققه النووي، وفيه جمع بين الأدلة. وقال السيد المحقق الجلال في شرح الفصول: الحق أن الردة فرع الإيمان، والممتنع إنما هو ارتداد كل من آمن، وأما من تقوم عليهم الساعة فإنما هم كفار بالأصالة؛ لحديث: «لا تقوم الساعة وفي الأرض من يقول: الله»، وأولئك ليسوا من الأمة ضرورة.
(١) أي: اجتماعهم على الكفر. (منتخب).
(٢) ما بين المعقوفين في المطبوع فقط.
(٣) حال ردتهم. (رفو).
(*) بمعنى ما صدقت عليه الأمة، كما يقال: الكاتب بمعنى ما صدق عليه في حين من الأحيان أنه كاتب يصدق عليه بالإطلاق أنه قائم، فيصدق كون الأمة موصوفين بالارتداد. (رفو).
(٤) يعني يصدق ذلك قطعاً؛ وذلك لأن الحكم بالشيء على الشيء قد يكون باعتبار ثبوته له فيمتنع تنافي وصفي الموضوع والمحمول، فلا يصح الأمة مرتدة إلا مجازاً باعتبار كونهم أمة فيما مضى، وقد يكون باعتبار حدوثه له فلا يمتنع، فيصح: ارتدت الأمة حقيقة، فيلزم الإجماع على الخطأ. وتحقيق ذلك: أن زوال اسم الأمة ... إلخ ما في الشرح هنا. (من السعد). أورد عليه أن صدقه بطريق الحقيقة غير مسلم، وإنما هو مجاز باعتبار ما كان، وأجيب بأن ذلك إذا أطلق بعد وقوع الردة، أما في حالها فالظاهر أنه حقيقة، قال السبكي: الارتداد علة الخروج، فإن كانت العلة سابقة فهي حقيقة، وإلا فلا. (من شرح التحرير).
[١] لفظ النهاية: فيه: «بين يدي الساعة هرج» أي: قتال واختلاط، وقد هرج الناس يهرجون هرجاً إذا اختلطوا، وأصل الهرج الكثرة في الشيء والاتساع. (ح).