(الباب الأول في الأخبار)
  وقد أورد على الباقلاني(١)، وأجيب عنه بأن خبر الخمسة قد يكون موجباً للعلم بدون التزكية وقد لا يكون موجباً له فيعلم كذب واحد، فتجب التزكية لا لأن الخمسة ليس محلاً للعلم(٢) حتى يتساويا في كونهما غير مفيدين للعلم بأنفسهما، بل لتعلم عدالة الأربعة(٣) وصدقهم، بخلاف الأربعة(٤) فإنه يجب التزكية فيه لأجل أن هذا القدر ليس محلاً للعلم فيعدل بالتزكية، فلا تكون التزكية مشتركة بينهما، بل تختص بالأربعة.
  (و) قيل: أقل ما يحصل به العلم (سبعة) ذكر هذا القول أيضاً صاحب
(قوله): «وقد أورد» أي: أورد ما احتج به الباقلاني، فنائب أورد ضمير عائد إلى ما احتج به الباقلاني فيما تقدم على الجزم بعدم حصول العلم بخبر الأربعة، وهو قوله فيما سبق: لو أفاده قول خمسة صادقين لأفاده قول كل خمسة صادقين ... إلخ، والمعنى: وقد أورد على توقف الباقلاني في الخمسة احتجاجه في الأربعة، فإنه يقتضي الجزم بعدم حصول العلم بخبر الخمسة أيضاً، فلا معنى للتوقف فيها؛ لأن التزكية كما تجب في الأربعة تجب في الخمسة، والاشتراك في العلة يوجب الاشتراك في الحكم.
(قوله): «قد يكون موجباً للعلم بدون التزكية ... إلخ» الذي في الجواهر جواباً على الباقلاني ما لفظه: هذا إنما يرد على الباقلاني لو كان قائلا بأن قول الخمسة في الشهادة يحتاج إلى التزكية مطلقا، أما لو قال بأن قول الأربعة في الشهادة بالزنا يحتاج إلى التزكية مطلقا، وقول الخمسة في الشهادة قد لا يحتاج إلى التزكية مطلقاً لإفادته العلم، وقد لا يحتاج إليها لعدم إفادتها العلم، فلذلك ترددت في الخمسة - فلا يلزم النقض، وإذا احتاجت إلى التزكية فإنما يحتاج إليها ليعلم عدالة الأربعة الذين هم أقل شهود الزنا عدداً من غير احتياج إلى تعديل الخامس.
(١) يعني أنه أورد على الباقلاني ما تقدم في منعه للأربعة، فكأنه قيل: لم منع في الأربعة وتوقف في الخمسة؟ فأجيب عنه بالفرق كما ترى.
(٢) بل هي محل له ولكن بمعنى أنها قد تكون موجبة له كما أنها تكون غير موجبة له، بخلاف الأربعة فليست محلاً للعلم أصلاً، وبتفسير محلية الخمسة للعلم بما ذكرنا يندفع ما لعله يفهم من مناقضة ذلك الظاهر مذهب الباقلاني؛ إذ هو قائل بالتوقف، فإذا كان قائلاً بالوقف فكيف يقال: فتجب التزكية لا لأن الخمسة ليست محلاً للعلم؛ لإفهام هذه العبارة إفادة الخمسة للعلم دون الأربعة، فمع حمل العبارة على ما ذكرنا يندفع ذلك المفهوم الموهوم ويتلاءم منطوقها والمفهوم. (سيدي أحمد بن محمد إسحاق |).
(٣) ظنن في نسخة بالخمسة.
(٤) فإنه إذا كذب واحد منهم لم يبق نصاب شهادة الزنا، وقد يجاب عن أصل استدلال القاضي بأن أمر الشهادة أضيق وبالاحتياط أجدر. (سعد). يريد أنه قد يجاب عن أصل استدلال القاضي بأنه لا يلزم من الجزم بعدم حصول العلم بقول الأربعة في باب الشهادة الجزم بعدم حصوله بقول الأربعة في باب الخبر والرواية؛ لأن أمر الشهادة أضيق وبالاحتياط أجدر. (جواهر).