[فصل في الخبر المعلوم صدقه]
  وما ذكره أبو الحسين ومن معه فيه (صحيح إن تساويا) لا في العدد وحده كما ذكروه، بل لا بد من تساوي المخبرين والواقعة والمخبَر (من كل وجه) لما علمت من تفاوت إفادته العلم بتفاوتها (وهو) أي: التساوي من كل وجه (بعيد) جداً لتفاوتها عادة.
[التواتر المعنوي]
  وأما الأمر الثالث فقد بين الكلام فيه بقوله: (واختلاف الأخبار في الوقائع(١)) يعني أن المخبرين إذا بلغ عددهم إلى حد التواتر لكن اختلفت أخبارهم بالوقائع التي أخبروا بها مع اشتراك جميع أخبارهم في معنى مشترك بين مخبراتهم، سواء كان الاشتراك في ذلك المعنى على جهة التضمن كأن يكون داخلاً في الوقائع التي أخبروا بها وجزءاً من كل واحدة منها أو على جهة الالتزام كأن يكون ذلك المشترك خارجاً لازماً لكل واقعة - فإنه (يفيد تواتر القدر المشترك(٢)) ضرورة لاتحاد أخبارهم فيه، ونظائره أكثر من أن تحصى (كشجاعة علي #) فإن الأخبار بوقائعه في حروبه من أنه فعل يوم بدر كذا وقتل يوم أحد كذا وهزم في خيبر كذا، ونحو ذلك - تدل بالالتزام على شجاعته(٣)؛ وذلك لأن الشجاعة من الملكات النفسانية فيمتنع أن تكون نفس الهزم المحسوس أو جزءاً منه، لكن الشجاعة لازمة لجزئيات الهزم والقتل في الوقائع الكثيرة، فتكون دلالة الهزم ونحوه في الوقائع الكثيرة على الشجاعة بطريق الالتزام(٤).
(قوله): «وأما الأمر الثالث» يعني من الأمور الثلاثة التي اشتملت عليها المسألة.
(قوله): «واختلاف الأخبار في الوقايع» هذه العبارة أحسن من قول ابن الحاجب: وإذا اختلف المتواتر في الوقائع؛ إذ لا معنى لاختلاف المتواتر في الوقائع، فلذا حمله شارحة على اختلاف الأخبار في الوقائع.
(قوله): «فيمتنع أن تكون نفس الهزم المحسوس» فلا تكون الدلالة مطابقة.
(قوله): «لازمة لجزئيات الهزم» هكذا في الجوهر، ولعله أراد بها لازمة لمجموع الجزئيات لا لكل فرد منها، ويحتمل أنه أراد أنها لازمة لكل فرد كما هو مقتضى قوله سابقاً: وجزءاً من كل واحدة منها، وقوله: لازماً لكل واحدة، وسيأتي استيفاء الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى.
(١) الظاهر أن معنى: «في الوقائع» بالنظر إلى الوقائع وباعتبارها كما يدل على ذلك قوله # في الشرح: لكن اختلفت أخبارهم بالوقائع، فيكون كقولهم: ما دل على معنى في نفسه.
(٢) ويسمى المتواتر من جهة المعنى. (عضد).
(٣) وإن لم تصرح بأنه شجاع. (شرح فصول للجلال).
(٤) فقد دل الملزوم وهو الوقائع على اللازم وهو الشجاعة.