هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل في الخبر المعلوم صدقه]

صفحة 261 - الجزء 2

  (و) من ذلك (جود حاتم) فإن ما يحكى من عطاياه من الخيل والإبل والعين وغيرها⁣(⁣١) يدل بالتضمن على جوده. وجعلت هذه دلالة تضمنية من جهة الظاهر؛ إذ الجود بالحقيقة يطلق على الملكة النفسانية وفي الظاهر يطلق على الأثر الصادر عنها، وقد أريد بالجود هاهنا ما هو الظاهر، وهو إعطاء ما يُبتغى لا لعوض مطلقاً، فيكون جزءاً من الإعطاء المخصوص⁣(⁣٢) (فيكون دلالة كل واحد من خصوصيات الإعطاء عليه بطريق التضمن⁣(⁣٣)) ولو أريد بالجود الملكة النفسانية لم يكن دلالة كل إعطاء مخصوص عليه بالتضمن؛ لأن الملكة النفسانية يمتنع أن تكون جزءاً من الإعطاء المخصوص، بل يكون من الدلالة الالتزامية.

  واعلم أن هاتين الدلالتين المذكورتين في المثالين⁣(⁣٤) معلومتان قطعاً من جهة


(قوله): «لا لعوض مطلقا» قيد الإطلاق ذكره في الجواهر، ولم يتعرض له السعد، وقيد الإطلاق لا ينافي كونه جزءاً من الإعطاء المخصوص؛ لأنه إنما ينافيه لو كان قيد الإطلاق شرطاً، بأن يكون معناه بشرط عدم التقييد، كما ذكروا أن الماهية بشرط لا شيء لا توجد في الجزئيات، وليس كذلك، بل المراد بقيد الإطلاق لا بشرط شيء، كما في الماهية لا بشرط شيء فإنها توجد في الأشخاص.

(قوله): «بل تكون من الدلالة الالتزامية» ولذا ذكر بعض شراح الفصول أن الحق كون المثالين جميعاً من دلالة الالتزام.

(قوله): «واعلم أن هاتين الدلالتين ... إلخ» قال في شرح المختصر: =


(١) الثوب وإقراء الضيف. (عضد ونظام). وقوله: يدل بالتضمن على جوده وإن لم يصرح بأنه كريم. (نظام فصول).

(*) فإن العرف قاضٍ بأن نفس الإعطاء جود. (حاشية فصول). قال الأسنوي: والقدر المشترك هنا هو مجرد الإعطاء لا الكرم أو الجود لعدم وجوده في كل واحد فافهمه. وعلى كلام الأسنوي: المتواتر هو العقل لا الشجاعة، وكلام الجمهور بخلافه، وهو الذي في شرح المنهاج لغير الأسنوي.

(٢) فالإعطاء المخصوص دل على ما في ضمنه، وهو الإعطاء لا لعوض.

(٣) ويمكن اعتبار ذلك في شجاعة علي # إذا أريد بالمتواتر شدة البطش وغلبة الأقران، فتكون تضمنية أيضاً.

(٤) هذه العبارة أولى مما وقع في شرح الشرح حيث قال: واعلم أن الواقعة الواحدة لا تتضمن الشجاعة ولا السخاوة؛ فلذا قال في حاشية ملا حبيب ميرزاجان: أقول: هذا الكلام منه يدل على أنه أراد بالالتزام في الدلالة على الشجاعة وبالتضمن في الدلالة على السخاوة معنى واحداً، فاختلاف اللفظ لمجرد التفنن، فلا يتوجه أن السخاوة صفة للنفس مبدأ للإفادة كما أن الشجاعة صفة لها مبدأ للحروب والقتال، وكلتا الدلالتين التزامية، فالمراد بالتضمن والالتزام هنا ما أرادوا بقولهم: هذا تصريح بما علم ضمناً، وبعبارة أخرى: هذا تصريح بما علم التزاماً، وحاصله الفهم لا بالمطابقة، ولا حاجة إلى الاعتذار بأن هذا بالنظر إلى الظاهر كما في شرح الشرح، ولا يخفى أن الواقعة الواحدة تدل التزاماً على الشجاعة فما معنى قوله: لا تتضمن، والمفهوم من شرح الشرح أن المراد أنه لا يحصل به العلم لا أنه لا يحصل به الظن، وأقول: الأظهر أن يقال: لما كانت الشجاعة والسخاوة من ملكات النفس فمجرد واقعة واحدة لا تدل عليها ما لم تتكرر، وقد مر ذلك فتذكر. اهـ وفي شرح الفصول للجلال: تنبيه: اختلف في تعيين مثال التضمن ... إلى آخره. فخذه.