(الباب الأول في الأخبار)
  (ومنه في الأصح(١) خبر الواحد) المنفرد (بما تتوفر الدواعي إلى نقله وشورك فيه) بأن يطلع عليه الجم الغفير، وأما إذا كان مما لا يقف عليه إلا الأفراد فلا يدل الانفراد على الكذب.
  وتوفر الدواعي إلى نقله (إما لتعلقه بالدين) أي: بأصل من أصوله، وإلا لم تتوفر كما يجيء إن شاء الله تعالى، وذلك (كأصول الشريعة) كصلاة سادسة ينفرد بنقلها واحد أو اثنان، وكالخبر بالنص على إمامة أبي بكر وعلى إمامة الاثني عشر.
  (أو) يكون توفر الدواعي إلى نقله (لغرابته كقتل خطيب على منبر) في مسجد الجامع يوم الجمعة إذا انفرد بنقله واحد أو اثنان.
  (أو) يكون التوفر (للمجموع) من التعلق بأصل من أصول الدين والغرابة (كمعارضة القرآن) لو أخبر بها مخبر.
  وإنما جعل من المعلوم كذبه (للقطع بكذب مدعيها) أي: معارضة القرآن (و) كذب من ادعى (أن بين(٢) مكة والمدينة) مدينة (أعظم منهما) فلو لم يجب
(قوله): «المنفرد» أراد بالمنفرد الذي لم يشارك فيما أخبر به مما توفر الدواعي إلى نقله، إن كان اثنين أو ثلاثة مما لا يفيد العلم التواتري، ويؤيده قول المؤلف # فيما يأتي: واحد أو اثنان. فقوله: بما تتوفر الدواعي إلى نقله متعلق بالمنفرد[١].
(قوله): «وشورك فيه» أي: شاركه فيما يدعيه سبباً للعلم خلق كثير.
(قوله): «كما يجي إن شاء الله تعالى» يعني قريباً حيث قال: وأما الفروع.
(قوله): «كمعارضة القرآن» أي: كما لو ادعي أن القرآن قد عورض؛ إذ الكلام في نقل المعارضة لا في نفسها؛ ولهذا قال المؤلف: لو أخبر بها مخبر.
(قوله): «وأن بين مكة[٢] ... إلخ» عطف على الهاء في مدعيها، ولعله عطف على المعنى؛ ولذا قال المؤلف #: وكذب من ادعى؛ لئلا يلزم العطف على المجرور بغير إعادة الخافض.
(١) في فصول البدائع ما نصه: القسم الثالث: خبر الواحد وهو ما لم ينته إلى حد التواتر والشهرة، وليس تعريفاً بما يساويه؛ لسبق العلم بهما، وقيل: خبر أفاد الظن، ولا ينعكس؛ لأنه قد لا يفيد الظن إلا أن يزاد في المحدود لعدم الاعتداد به في الأحكام فلا يرد، والفرق بين التعريفين أن الثاني يتناول المشهور دون الأول.
(٢) قوله: وإن بين مكة والمدينة ... إلخ، قيل: قوله: وإن بين مكة ... إلخ عطف على ضمير مدعيها المضاف إليه، ولا يخفى أنه فاسد؛ للقطع بأنه مقابل لقوله: كمعارضة القرآن معطوف عليه لا من متعلقاته كما يقتضيه عطفه على ضمير مدعيها، وهذا بناء على كون قوله: للقطع بكذب مدعيها من متن الكتاب، ولعل الصواب كونه من الشرح كما تراه في هذه النسخة، فحينئذ لا شبهة في الكلام، فتأمل، والله أعلم. (من خط السيد صلاح الأخفش ¦). يتأمل، فالظاهر من صيغ عبارة المصنف الأول، ولا فساد فيه مع التأمل.
[١] بالنظر إلى الشرح، وبالنظر إلى المتن بخبر (ح عن خط شيخه).
[٢] يعني في المتن. (ح).