المختار من صحيح الأحاديث والآثار،

محمد بن يحيى بن حسين مطهر (المتوفى: 1440 هـ)

باب بيع أمهات الأولاد

صفحة 410 - الجزء 1

  وفي ذلك ماروي عن رسول الله ÷ أنه قال في أم إبراهيم ابنه حين ولدته، وكانت جارية من القبط أُهديت له، فقال: «أعتقها ولدُها» فحكم رسول الله ÷ بأن الولد قد حظر على أبيه بيعَ أمه، وإن كان باقياً عليها ملكه، ولولا أن الملك بعد باق له عليها لما جاز أن يجعل سيدها عتقها مهرها إذا أراد عتقها وتزويجها؛ لأن الفرج لايحل إلا بمهر، ولولا أن له عليها ملكاً لم يجز أن يجعل عتقها مهرها، فقام عتقها مقام ثمنها، ألا ترى أنه لو قال لها: أعتقكِ، فأجعل عتقك مهرك، فتراضيا بذلك فغلط فأعتقها، ثم أراد تزويجها بعد ذلك فأبت لحكم له عليها بالسعي في قيمتها؛ لأن الغدر، والإخلاف، ونقض العهد جاء من قبلها.

  فأما ما يرويه همج الناس عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #: من إطلاق بيعهن فذلك ما لا يصدق به عليه، ولا يقول به من عرفه فيه.

  وفي ذلك ما حدَّثني أبي، عن أبيه: أنه سئل عن بيع أمهات الأولاد، فقال: لا يجوز ذلك فيهنّ، ولا يحكم به عليهنّ.

  وأما ما يرويه أهل الجهل عن أمير المؤمنين # فلا يقبل ذلك منهم، ولا يصدق به عليه.

  قال يحي بن الحسين ¥: لو كان ذلك كذلك لكان أهل بيته أعلم بذلك.

  وقال # في المنتخب [ص ٢٢٥]: لما سئل عن بيع أمهات الأولاد: معاذ الله، ألا ترى أن مارية القبطية أم إبراهيم لما ولدت إبراهيم، قال النبي ÷: «أعتقها ولدها» قال: أعتقها من البيع وحده، ولو كانت عتقت لم يجز أن يجعل عتقها صداقها، وقد قال بغير ذلك غيرنا.

  ورووه عن علي بن أبي طالب #، ولم يصح ذلك عندنا بل هو كذب عليه، وباطل.

  وقال المؤيد بالله # في شرح التجريد [ج ٤ ص ١٠]: وما ذهبنا إليه من منع بيعهنّ من قول عامة الفقهاء، وهو ما أجمع عليه في الصدر الأول، وذهبت الإمامية إلى أن بيعهنّ جائز، وبه قال الناصر #، وروى القولان جميعاً عن أمير المؤمنين، رواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ مثل قول الإمامية.

  وروى لنا أبو العباس الحسني: مثل قولنا عنه #.