ذم الدنيا والركون إليها
  وفيها [ج ٢ ص ١٦١]: أَخْبَرنا الشريف أبو محمد الحسن بن الشريف الجليل، أبي الحسن محمد بن عمر بن يحيى الحسيني الزيدي الكوفي، بقرآتي عليه، قال: أَخْبَرنا أبو المفضل محمد بن عبدالله بن محمد الشيباني، قال: حدَّثنا أبو عبدالله جعفر بن محمد بن جعفر بن حسن العلوي، قال: حدَّثني محمد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي، قال: حدَّثني الرضى علي بن موسى، قال: حدَّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدَّثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدَّثني أبي محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب $، قال: قال رسول الله ÷: «إنما ابن آدم ليومه، فمن أصبح آمناً في سربه، معافاً في جسمه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».
  وقال الموفق بالله # في الاعتبار وسلوة العارفين [ص ٧٢]: أَخْبَرنا أبو الحسين الحسن بن علي بن محمد بن جعفر الوبري، حدَّثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن محمد الجعابي، حدَّثني القاسم، حدَّثني أبي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسن بن علي $، قال: كأني أنظر إلى أمير المؤمنين # وهو قائم يخطب، فقال: (يا أيها الناس إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد تجمّلت مقبلة، ألا وإن لكل واحدة منهما بنين(١) فكونوا من ابنا الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، وكونوا من الزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، واتخذوا من الأرض فراشاً، ومن التراب بساطاً، والماء طيباً، وانقرضوا من الدنيا تقريضاً، ألا ومن اشتاق إلى الجنَّة سلى عن الشهوات، ومن أشفق من النار لهى عن المحرمات، ألا ومن ترقب الموت سارع في الخيرات، ألا ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ألا وإن لله عباداً، فمن عمل منهم عمل أهل النار فهم في النار معذبين، ومن عمل منهم للجنَّة دخل الجنَّة مخلدين، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، صبروا أياماً قصاراً، فصارت العقبى لهم راحة طويلة، أما الليل فصافُّون أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم يجأرون، ويبكون إلى ربهم، يسألونه فكاك رقابهم من النار، وأمَّا النهار فحكماء علماء، رحماء أتقياء، بررة خاشعين، كأنهم الفراخ، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى وما بالقوم من مرض، أو يقال: إنهم قد خُولِطُوا، ولقد خالط القوم أمرٌ عظيم من ذكر النار وما فيها).
(١) في نسخة (بنون) ويحمل على أن اسم (إن) ضمير الشأن، تمت.