[بحث للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي (ع) في شروط قبول الرواية باعتبار السند وفي المختار في معنى العدالة]
  والأمر بالتبين يوجب عدم الاعتماد عليه وهو المطلوب، لا القطع بكذبه، فليس بمراد، ولا وجه له، وتكون الأدلة الموجبة للعمل التي أقواها بعث الرسول ÷ للتبليغ بالآحاد، والإجماع لم يثبت في المتأول إذ لم يكن في عصره ÷، ولا إجماع على غير من ذكرنا.
  ولا يروعنك كثرة القائلين بالقبول فليست الكثرة دلالة على الحق بل أهله القليل، ولا المجازفة بدعوى الإجماع، وإن صدرت من بعض ذي التحقيق والاطلاع، فالواقع خلاف ذلك المقال، والحق لا يعرف بالرجال، ولا يجب العمل بمجرد الظن على فرض ثبوته؛ فالظن لا يغني من الحق شيئاً.
  ثم إنه يلزم قبول المصرح إن ظن صدقه والإجماع يرده.
  ولقد ضاقت بالسيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير المذاهب لما انتقض به عليه، ولجأ إلى دعوى التخصيص، ثم لو فرض جواز العمل بالظن في بعض جزئيات العمليات التي يتعذر فيها سواه كأروش الجنايات، وقيم المتلفات، فيخصص ذلك ويبقى تحت العموم الدال على المنع ما عداه.
  ومن أعجب التهافت أن الكثير لا سيما من يدعون ويُدَّعَى لهم أنهم لا يُخرِجون إلاَّ الصحيح، حتى صار ذلك لقباً لبعض كتبهم، وحتى صار المقلدون من أتباعهم يجرحون ويقدحون فيمن أبدى أي منازعة في حديث، أو راوٍ من رواتهم، كأنها نزلت آية محكمة من كتاب الله تعالى، أو تواترت سنة من رسول الله ÷ بصحة جميع ما أخرجوه، صار هؤلاء يقبلون المصرحين زاعمين أنهم من المتأولين، كالوليد بن عقبة الذي هو سبب نزول الآية: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ}[الحجرات: ٦]، والسبب مقطوع به فلا يجوز تخصيصه بالاتفاق، وأمثاله كثير، والتمحلات التي يدافع بها البعض لا تنفق في أسواق التحقيق.
  فإن قلت: ما بالك خصصت المقلدين من الاتباع؟
  قلت: لأن أرباب البحث والاطلاع لا يرى عندهم ذلك التعصب، وسوء الطباع، ألا ترى إلى قدح كثير من حفاظهم، كالدارقطني، وابن حجر صاحب الفتح، وغيرهما في بعض رجال الصحيحين، وأحاديثهما، وقد أوضحت هذه الأبحاث في اللوامع، وإنما