بحث في الظن وتفسيره والعمل به
  وتعلم أن المسمى بالظن الراجح عن الدليل الصحيح لم يتناوله الذم، كما أنه لم يتناول العلم، سواء قلنا إنه نوع من العلم كما قدمنا الدلالة عليه، أو قلنا إنه الظن الراجح عن الدليل، فمجرد الاسم ليس مذموماً لذاته والمعتبر دليله.
  وقد ثبت العمل به في كثير من الشرعيات، بل لا طريق إليها سواه، ولذا تُؤكّد الشهادة باليمين عند الارتياب كما قال تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِالله لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا}[المائدة: ١٠٧]، وتحليف أمير المؤمنين للشاهدين برؤية هلال شوال لمّا لم يصم إلا ثمانية وعشرين يوماً، واشتراط الشروط المعروفة في الشهادة والرواية لتحصيل الظن.
  ومع هذا كله حكم العقل بحسن العمل به عند ظن النفع، وقبّح الإقدام على ما ظن فيه الضرر، ولذا يجب النظر فيما جاءت به الرسل عند ظن صدقها - بل ولو تجويزاً - لدفع الضرر، وقبح الإعراض عن ذلك.
  وبهذا صار العمل به معلوماً فيما ليس المطلوب منه العلم المطابق من كل الجهات، فلم نقف إلا ما علمناه حقاً، ولا مشاحة في التسمية، وهذا ما وفق الله إليه، ولم أعلم قائلاً به، ولو علمته لكفى، وبه زال الإشكال الذي طالت مدته.
  والحمد لله كثيراً، بكرة وأصيلاً، ونسأله العلم النافع، والتسديد والتثبيت، وحسن الخاتمة.
  وحرر شهر رمضان المبارك سنة (١٤١٥ هـ) من الهجرة النبوية، اللهم صل وسلم على صاحبها محمد وعلى أهل بيته الطاهرين.
  كتبه وجمعه/ محمد بن يحيى بن الحسين الحوثي غفر الله لهم.
  * * * * *