المختار من صحيح الأحاديث والآثار،

محمد بن يحيى بن حسين مطهر (المتوفى: 1440 هـ)

باب في ميراث الغرقى والهدمى والحرقى والمفقود

صفحة 528 - الجزء 1

  يدري لعله قد مات بعضهم قبل بعض، فوَرَّث المتأخر من مال المتعجل، فالواجب على من لم يعلم ذلك منهم، ولم يقف على موتهم، فينبغي له أن يحتاط، فيوَرِّث بعضَهم من بعض، فيكون قد وَرَّث الكل من الكل إذ قد وقعت اللبسة، وكانت الشبهة.

  وتفسير ذلك: أخوان غرقا معاً لا يدرى أيهما مات أولاً، وترك كل واحد منهما ابنتين، العمل في ذلك أن يمات أحدهما، ويُحيَا الآخر، فكأن الذي أميت ترك ابنتيه، وأخاه، فللبنتين الثلثان، وللأخ ما بقي، ثم أَمِت الحي، وأحيي الميت فقد ترك ابنتين، وأخاً فللابنتين الثلثان، وللأخ ما بقي، ثم أمتهما جميعاً، وورث ورثة كل واحد منهما ما في يده من ماله في نفسه، وميراثه من أخيه.

  وفي الجامع الكافي [ج ٢ ص ١٩٣]: قال محمد: أجمع أهل العلم على أن علياً صلى الله عليه كان يُوَرِّث الغرقى بعضهم من بعض، يعني من صلب أموالهم التي خلفوها، ولم يورث أحداً منهم مما ورّث من صاحبه شيئاً، وقال بذلك جماعة من الصحابة: منهم اياس بن عبدالله، وجماعة من التابعين: منهم الحارث، وعبيدة، وإبراهيم، والشعبي.

  وروي عن الحسن بن علي، وابن عباس، وزيد بن ثابت: أنهم لم يورثوا بعضهم من بعض، ولم يحجبوا بهم، وجعلوا مال كل ميت للأحياء من ورثته.

  قال محمد: إذا انجلت الحرب عن قتلى من أهل العدل، وبعضهم يرث بعضاً لا يدرى أيهم قتل أولاً، فإنهم يُورَّثون على مواريث الغرقى.

  بلغنا أن أخوين قتلا مع علي صلى الله عليه بصفين، لا يدرى أيهم قتل أولاً، فوَرَّث كل واحد منهما من صاحبه على مواريث الغرقى.

  قال الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان # في أصول الأحكام خبر: وعن الناصر بإسناده، عن علي #: أن رجلاً، وابنه، وأخوين قتلوا يوم صفين، ولم يدر أيهم قتل أولاً، فَوَرَّثَ بعضهم من بعض، وبإسناده عنه #: أن قوماً تلفوا في سفينة، فَوَرَّثَ بعضهم من بعض.

  وقال الأمير الحسين | في الشفاء [ج ٣ ص ٤٨٣]: خبر والأصل في المسألتين جميعاً هو قول أمير المؤمنين #، فإن المشهور عنه أنه كان يُوَرِّث بعضهم من بعض،