المختار من صحيح الأحاديث والآثار،

محمد بن يحيى بن حسين مطهر (المتوفى: 1440 هـ)

[ترجمة المؤلف بقلم السيد العلامة/عبدالله بن صلاح العجري]

صفحة 13 - الجزء 1

  سادتنا وعلمائنا الذين خدموا الدين ونشروا علوم أهل البيت المطهرين بالتدريس والتأليف والتطبيق، وضحّوا من أجل الدفاع عن عقائدنا بكل غال ورخيص، وجاهدوا في سبيل الله وسبيل إحياء دين الله وإعلاء كلمته، وفي سبيل الدفاع عن العقيدة، وعن الزيدية ككل.

  وإذا كنتُ كذلك فسأعرف بعدُ كيف أقدّم وأترجم وأعمل، وبحيث أن الحياة تتأرجح بين الخير والشر، بين الفضيلة والرذيلة، وبين ما يجذبها إلى الحضيض والوحل، وبين ما يرقى بها إلى السماء، رغم اختلاف أشكال المغريات، ورغم تعدد أسماء الشياطين، وأسماء المصلحين، ومع ذلك فالنفس جبلها الله ø وألهمها فجورها وتقواها، فالعودةُ إلى علمائنا وأمجادنا، وإلى علومهم وتراثهم، وإلى الاستمساك بهم وإبراز موالاتهم ومودتهم، وإظهار متابعتهم، ومعاداة أعدائهم، مع الإحساس بواقعنا، والنظر في مستقبلنا - من أوجب الواجبات، وأفضل القربات، سيّما في هذا الزمن الموحش الذي تظافرت وتظاهرت وتكتلت فيه على الزيدية بعقائدها وعلمائها وأعلامها فرق متعددة سالكة غير نهج النبي ÷ فنهجه في أهل بيته وفي علومهم ومبادئهم معروف لدى أهل البصائر، تجمّعت وتظاهرت هذه الفرق علينا كتجمع الذباب على حلو الطعام، {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِالله الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}⁣[البروج: ٨] {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ}⁣[الصف: ٨] {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ١٠٤}⁣[الكهف]، ومن أوجب الواجبات الشرعية العقلية شكر نعم الله ø، فهو تعالى قد أنعم علينا بنعم عظيمة، فرض وأوجب علينا طلب العلم حيث يقول على لسان رسوله ÷: «طلب العلم فريضة ... إلخ»، وقال ÷: «اطلبوا العلم ولو في الصين»، وقال الله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}⁣[التوبة: ١٢٢] ويقول النبي ÷: «إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم» أو كما قال، وغير ذلك كثير، وقد أنعم الله علينا وخصنا تعالى بخصائص عظيمة، منها أن خلقنا في الأرض المباركة يمن الإيمان والحكمة، قال ÷: «اللهم بارك لنا في يمننا»، وقال ÷: «الإيمان يمان والحكمة يمانية»، وجلعنا في قبّة الإسلام صعدة المشرّفة، منبع الأئمة، وعاصمة العلم