المختار من صحيح الأحاديث والآثار،

محمد بن يحيى بن حسين مطهر (المتوفى: 1440 هـ)

[ترجمة المؤلف بقلم السيد العلامة/عبدالله بن صلاح العجري]

صفحة 14 - الجزء 1

  والعلماء الزيدية، ومستقر الشيعة، لا نحتاج إلى أن تنفر منّا فرق لتتفقّه في الدين ولا أن نرحل لطلب العلم ولو إلى الصين، ولا أن نبحث لمن نأخذ علمنا وديننا منه، فها هم ذرية رسول الله ÷ ذراري الأنبياء وسلالات الأوصياء حملة علوم النبي والوصي، وقرناء القرآن، والدعاة إلى الرحمن؛ ها هم بين أظهرنا باذلون أنفسهم وأوقاتهم وراحتهم في تعليمنا، أليست هذه أكبر النعم وأجلها وأولاها بالشكر العظيم؟ فكيف بمن يقابل هذه النعم بمعاداة أهل البيت (ع)، والتثبيط عنهم، والتنفير منهم، والاستخفاف بهم، وتغيير وتحريف مؤلّفاتهم، وقد جعلنا الله تعالى - إنْ استجبنا لندائه - أحبّته وأثنى علينا ثناء عظيماً حيث يقول في آيات الولاية لأمير المؤمنين: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ}⁣[المائدة: ٥٤].

  فمن أين أبدأ أو إلى أين أنتهي؟ وماذا أقول في من نال فضيلتين غير متناهيتين، وشرفين دائمين دوام الدهر، فضل وشرف النسب الطاهر، وفضل وشرف العلم الباهر الزاخر الظاهر، وليس هذا قولي، وإنما قول من لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى ÷ إذْ يقول: «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي» ويقول ÷: «إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة»؛ فهذا يدل دلالة صريحة واضحة أن النسب النبوي الطاهر غير منقطع، وولد السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها وآلهم الكرام هم المختصون بولادة الرسول ÷ فهم نسبه ورحمه الذي لا ينقطع، فقد قال ÷: «كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما».

  والمترجم له حفظه الله من أعلام وعيون بني الزهراء كما لا يخفى، أما العلم فالذي يدل على أنه يدوم ولا ينتهي ولا ينقطع بموت صاحبه فمن ذلك قول الرسول ÷ ما معناه: «كل عمل بني آدم منقطع إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»، فهذا دليل واضح على حياة العلم بعد موت العالم، والعقل والحجى يشهدان بذلك، فهذه علوم أئمة أهل البيت كزيد، والهادي، والقاسم، والناصرين وسائر أئمة أهل البيت (ع) وشيعتهم ¤، هذه علومهم، وهذه آثارهم ومآثرهم تملأ الخزائن والمكاتب والمساجد وصدور قوم مؤمنين، ومؤلفوها أجسادهم تحت أطباق الثرى،