باب القول في الأرضين وأحكامها
  قال القاضي زيد: وهذا مما لا خلاف فيه، ووجهه قول النبي ÷ «من أحيا أرضا مَوَاتاً فهي له، ولورثته من بعده، وليس لِعِرْقِ ظالم حق» إلى قوله: وأرض أجلى عنها أهلها الكافرون، قبل أن يوجف عليهم بخيل، أو ركاب، أو يقاتلوا مثل فدك فهذه لإمام المسلمين، ينفق منها على نفسه وأسبابه، ويضع منها ما يرتفع(١) حيث يشاء، كما كانت لرسول الله ÷.
  قال المؤيد بالله # في شرح التجريد [ج ٢ ص ٥٦]: اعلم أن أحكامها تختلف: فمنها أرض افتتحها المسلمون عنوة، واقتسموها بينهم فهي لهم ملك، ولا يلزمهم فيها إلا العُشُر، وأرض أسلم عليها أهلُها طوعاً فليس عليهم فيها إلا العشر، وأرض أحياها رجل مسلم فهي له، ولا يلزمه فيها أيضاً إلا العشر، وهذا منصوص عليه في الأحكام.
  والأصل فيها أن الأرضين التي سبيلها ما ذكرنا صارت ملكاً للمسلمين من غير أن يُعلق بها حق لأحد، فلا يلزمهم فيها إلا العُشُر، أو نصف العُشُر؛ لقوله ÷: «فيما سقت السماء العُشُر، وما يسقى بالدوالي نصف العُشُر» على أن هذه الجملة لا خلاف فيها بين المسلمين، وإنما الخلاف في أرض الفتوح أنها تكون ملكاً للغانمين(٢) بنفس الغلبة، أو بأن يقسمها الإمام فيما بينهم إذا رأى ذلك صلاحاً.
  وقال القاضي زيد بن محمد ¥ في الشرح: ولا خلاف في أن الأرض المغنومة إذا قسمت بين الغانمين أنها تصير ملكا لهم، ويلزمهم فيها العشر، أو نصف العشر.
  وفيه: وأرض أسلم أهلها طوعاً فهي لهم، ويلزمهم فيها العشر كأرض اليمن والحجاز، وهذا لا خلاف فيه.
  وفيه: وأرض أحياها رجل مسلم فهي له ولورثته من بعده، ويلزمهم فيها العشر، ولا خلاف فيه أيضاً، وذلك لقوله ÷: «من أحيا أرضاً فهي له ولورثته من بعده، وليس لعرق ظالم حق».
(١) أي يحصل معه الكفاية، تمت مؤلف حفظه اللَّه سبحانه وتعالى.
(٢) للمسلمين (نسخة).