المختار من صحيح الأحاديث والآثار،

محمد بن يحيى بن حسين مطهر (المتوفى: 1440 هـ)

فصل فيما يعطى القاضي من الرزق على القضاء، وفي الرشوة أيضا

صفحة 447 - الجزء 1

  [ج ٢ ص ٤٤٩] وبلغنا عن أمير المؤمنين علي #: أنه وجد درعاً له عند نصراني، فأقبل به إلى شريح قاضيه على المسلمين، فخاصمه عليه، قال: فلما رآه شريح رحل له عن مجلسه، فقال له: (مكانك) فجلس إلى جنبه، فقال: (ياشريح أما إنه لو كان خصمي مسلماً ما جلست معه إلا في مجلس الخصومة، ولكنه نصراني، وقد قال رسول الله ÷: «إذا كنتم وإيّاهم في طريق فألجئوهم إلى مضايقه، وصغروا بهم كما صغر الله بهم من غير أن تظلموهم») ثم قال #: (يا شريح إن هذا درعي لم أبع، ولم أهب) فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما قال أمير المؤمنين، فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، قال: فالتفت شريح إلى علي، فقال: يا أمير المؤمنين: هل من بينه؟ قال: فضحك علي، وقال: (أصاب شريح، مالي من بينه) فقضى بالدرع للنصراني، قال: فقام النصراني فمشى هنيهة، ثم رجع، ثم قال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين يمشي إلى قاضيه يقضي عليه، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين، اتبعت الجيش وأنت منطلق إلى صفين، فجررتها من بعيرك الأورق، قال أمير المؤمنين: (أما إذا أسلمت فهي لك) وحمله على فرس، وقاتل مع أمير المؤمنين يوم النهروان.

فصل فيما يُعطى القاضي من الرزق على القضاء، وفي الرشوة أيضاً

  في مجموع زيد # [ص ٢٩٦]: عن آبائه، عن علي $: أنه كان يأمر شريحاً بالجلوس في المسجد الأعظم، وكان يعطي شريحاً على القضاء رزقاً من بيت مال المسلمين.

  وقال الهادي # في الأحكام [ج ٢ ص ٤٥٣]: لا بد للقاضي من العطاء، والتوسعة، وإلا هلك وعياله، واشتغل عن القضاء قلبُه.

  وكذلك بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #: أنه كان يرزق شريحاً خمسمائة درهم.

  وفي الجامع الكافي [ج ٢ ص ٢٣١]: وقد بلغنا أن علياً ~ رزق شريحاً خمسمائة - أي درهم -.

  وقال الهادي # في الأحكام [ج ٢ ص ٤٥٦]: من ارتشى في حكمه فهو سحت محرم، وهو ملعون عند الله فاسق مجرم، ومهر البغي سحت، وثمن الكلب وأجرة الكاهن سحت، ونكره أجرة الغازي في سبيل الله بجعل، وهو الذي لا يخرج إلا أن يعطى