باب في حد شارب الخمر
  قال محمد: وقال بعضهم: ضَرَبَه علي ~ اربعين، وضَرَبَه الحسن # أربعين.
  وقال الهادي # في الأحكام [ج ٢ ص ٢٦٤]: حدُّ الخمر ثمانون على من شرب منها قليلاً أو كثيراً، فإذا شهد على شاربها رجلان أنهما رأياه يشربها، أو شما منه في نكهته رائحتها وجب عليه الحد ثمانون سوطاً، وكذلك بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # أنه قال لعمر بن الخطاب حين كان من أمره، وأمر قدامة بن مظعون الجمحي ما كان، حين كان قدامة يشرب الخمر، فحده أبو هريرة بالبحرين وهو إذ ذاك والٍ لعمر عليها، فقدم قدامة على عمر، فشكا إليه أبا هريرة، فبعث إليه عمر، فأشخصه، فقدم أبو هريرة معه بالشهود الذين شهدوا على شرب قدامة الخمر، وكان ممن قدم معه الجارود العبدي، فلما قدم عليه أبو هريرة، سأله عن أمر قدامة، فأخبره انه جلده في الخمر، فسأله عمر البينة، فجاء بشهوده، فالتقى عبدالله بن عمر والجارود العبدي، فقال له عبدالله بن عمر بن الخطاب: أنت الذي شهدت على خالي أنه شرب الخمر؟ قال: نعم، قال: إذاً لاتجوز شهادتك عليه، فغضب الجارود، وقال: أما والله لأجلدن خالك، أو لأكفرن أباك، فدخلوا على عمر، فشهدوا أنه ضربه في الخمر، فقال قدامة: إني أنا ليس عليَّ في الخمر حرج، إنما أنا من الذين قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ٩٣}[المائدة] قال: وكان بدرياً، ففزع عمر مما قال له قدامة، فبعث إلى علي بن أبي طالب #، فقال له: ألا تسمع إلى ما يقول قدامة، فأخبره بما قرأ من القرآن.
  فقال علي #: (إن الله لما حرم الخمر شكا المؤمنون إلى النبي ÷ فقالوا: كيف بآبائنا وإخواننا الذين ماتوا، وقتلوا وهم يشربون الخمر، وكيف بصلاتنا التي صلينا ونحن نشربها هل قبل الله منا، ومنهم؟ أم لا، فأنزل الله فيهم: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ٩٣}[المائدة] فكان ذلك معذرة للماضين، وحجة على الباقين، يا عمر إن شارب الخمر إذا شربها انتشى، وإذا انتشى هذى، وإذا هذى افترى فأقم حدّها حدّ فرية، وحدّ الفرية ثمانون).