باب في ميراث ذوي الأرحام
  ذلك: رجل هلك وترك عمته، وخالته فلخالته الثلث، ولعمته الثلثان، وذلك أنا رفعناهما إلى الوارث، فرفعنا الخالة إلى الأم، ورفعنا العمة إلى الأب، فكأنه ترك أمه وأباه فللأم الثلث، وما بقي فللأب، وأنزلنا العمة منزلة الأب، وإن شئت منزلة العم كلاهما هاهنا سواء، (وأنزلنا الخالة منزلة الأم)(١) وإنما رفعنا العمة في هذه المسألة إلى الأب دون العم، لأن الأب والعم في هذه المسألة ميراثهما سواء؛ لأن الأم ترث معهما جميعاً الثلث، فلما كانت وارثة مع الرجلين استوى الأب والعم في ذلك، وأنزلنا الخالة منزلة الأم.
  وفي الجامع الكافي [ج ٢ ص ١٨٩]: وروى محمد بإسناده، عن الشعبي، عن جنادة بن سعد، قال: شهدت علياً أتي في عمة، وخالة، فجعل الخالة بمنزلة الأم، وجعل العمة بمنزلة العمّ.
  وفيه [ج ٢ ص ١٨٩]: قال محمد: وأحسن القولين وأثبته عندنا قول من جعل ذوي الأرحام بمنزلة من يدلون به من العصبة، أو ذوي السهام، وحكم الله أحق أن يؤتم به، ويحتذى عليه، وكيف ينكر أن ترث بنت الأخ مع بنت البنت، وقد يرث ابن الأخ دون ابن البنت، وكيف يجوز لأحد أن يقول الميراث للأقرب فالأقرب، وهو يعلم أن ابن العم وإن سفل أحق بالميراث من ولد البنت، فهذا دليل على صحة الأصل الذي رويناه عن علي ~: أنه جعل العم من الأم بمنزلة العم، والخال بمنزلة الأم، فورث كل واحد منهما بقرابته التي يدلي بها إلى الميت، والفرائض لم تقع على الأقرب فالأقرب بأرحامهم التي يدلون بها؛ لأن في القرآن، والسنة المجمع عليها أن بنت الصلب ترث معها - مثل ميراثها - الأخت لأب، أو من هو أبعد من الأخت من العصبة، وأن ابن العم وإن بعدت قرابته أحق بالمال من ابن بنت الصلب وإن كان الميت قد ولده، وخرج من صلبه، وروي عن النبي ÷ أنه أعطى البنت النصف، وابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وجعل مابقي للأخت، وقد علم أن ابنة الابن أقرب رحماً من الأخت، وقد ورثت أكثر من ميراثها، فهذا مما يدل على أن المواريث لم تقع على الأقرب فالأقرب من ذوي الأرحام، ومما يوضح ذلك، ويؤكده ما ذكرنا من فرائض الكتاب، والسنة التي يستدل بها على حديث علي ~ في العم، والخال.
(١) زيادة في نسخة (خ).