المختار من صحيح الأحاديث والآثار،

محمد بن يحيى بن حسين مطهر (المتوفى: 1440 هـ)

خاتمة لكتاب الذبائح

صفحة 559 - الجزء 1

  فأما ما أهل لغير الله به: فهو ما ذكر عليه غير اسم الله، وأما المنخنقة: فهي الدابة ينشب حلقها بين عودين، أو في حبل، أو في غير ذلك مما تنخنق به فتموت، وأما الموقوذة: فهي التي ترمى على موقذتها، أو تضرب فتموت، وأما المتردية: فهي التي تردى من رأس الجبل، أومن المطارة، أو في بئر، أو في غير ذلك مما تسقط فيه الدابة فتموت، فلا تلحق ذكاتها، وأما النطيحة: فهي ما تنطحه البقرة، أو الشاة منهن، فتموت، وأما ما أكله السبع فهي: الدابة يقتلها السبع، ولا يلحق ذكاتها فحرم الله ذلك كله إلا أن تلحق منه ذكاة، فيذبح، وفيه شيء من حياة، فيكون حينئذ ذكياً حلالاً للآكلين، غير محرم على العالمين، وكانت الجاهلية يعدون ذلك كله ذكياً، وليس بميتة.

  ثم قال الله سبحانه: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}⁣[المائدة: ٣] والنصب: فهي آلهتهم المنصبة التي كانوا يذكون لها، وعلى اسمها، ومعنى قوله: على النصب، فإنما هو للنصب، فحرم الله ما ذبح لها، وعلى اسمها.

  ثم قال عن أن يحويه قوله أو يناله: {مَا جَعَلَ الله مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ١٠٣}⁣[المائدة] وذلك أن قصي بن كلاب كان أول من بحر، وسيَّب، ووصل، وحما، ثم اتبعته على ذلك قريش، ومن كان على دينها من العرب، فكانوا يجعلون ذلك نذراً، ويزعمون أن الله حكم به حكماً، فأكذب الله في ذلك قولهم، وقول إخوانهم المجبرة الذين نسبوا إلى الله كل عظيمة، وقالوا: إنه قضى عليهم بكل معصية، وأدخلهم في كل فاحشة فقال: {مَا جَعَلَ الله مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ}⁣[المائدة: ١٠٣] فنفى أن يكون جعل ذلك فيهم، أو قضى به سبحانه عليهم إكذاباً منه لمن رماه بفعله، ونسب إليه سيئات صنعه، فانتفى سبحانه من ذلك، ونسبه إلى أهله، ثم ذكر أنهم يفترون على الله الكذب، فقال: {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ١٠٣}⁣[المائدة] فصَدَقَ الله سبحانه إنه لبري من أفعالهم، متعالٍ عن ظلمهم، وفسادهم، بعيد من القضاء عليهم بغير ما أمرهم، ناء عن إدخالهم فيما عنه نهاهم.

  والبحيرة التي كانوا جعلوها: فهي الناقة من الإبل كانت إذا ولدت خمسة أبطن