خاتمة لكتاب الذبائح
  فنتجت الخامس سقباً وهو الذكر ذبحوه، فأهدوه للذين يقومون على آلهتهم، وإن كانت أنثى استبقوها، وغذوها، وشرموا أذنها، وسموها بحيرة، ثم لايجوز لهم بعد ذلك أن يدفعوها في دية، ولا يحلبوا لها لبناً، ولايجزوا لها وبراً إلا أن يحلبوا لبنها - إن خافوا على ضرعها - في البطحاء، وإن جزوها جزوها في يوم ريح عاصف، يذرون وبرها في الرياح، ولا يحملون على ظهرها، ويخلون سبيلها تذهب حيث شاءت، وإن ماتت اشترك في لحمها النساء والرجال، فأكلوه.
  وأما السائبة: فهي من الإبل كان الرجل منهم إذا مرض، فشفي، أو سافر فأدي، أو سأل شيئاً فأعطي - سيب من إبله ما أراد أن يسيبه شكراً لله، ويسميها سائبة، ويخليها تذهب حيث شاءت مثل البحيرة، ولا تمنع من كلأ، ولا حوض ماء، ولا مرعى.
  وأما الوصيلة: فهي من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة خمسة أبطن عندهم وكان الخامس جدياً ذبحوه، أو جديين ذبحوهما، وإن ولدت عناقين استحيوهما، فإن ولدت عناقاً وجدياً تركوا الجدي، ولم يذبحوه من أجل أخته، وقالوا: قد وصلته، فلا يجوز ذبحه من أجلها، وأما الأم فمن عرض الغنم يكون لبنها، ولحمها بين الرجال دون النساء، فإن ماتت أكل الرجال والنساء منها، واشتركوا فيها.
  وأما الحام: فهو الفحل من الإبل كان إذا ضرب عشر سنين، وضرب ولد ولده في الإبل، قالوا: هذا قد حمى ظهره، فيتركونه لما نتج لهم، ويسمونه حاماً، ويخلون سبيله، فلا يمنع أينما ذهب، ويكون مثل البحيرة، والسائبة فلا يجوز في دية، ولا يحمل عليه حمل، فهذه الثلاثة من الأنعام التي حرمت ظهورها، ثم قال سبحانه: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثنين وَمِنَ الْمَعْزِ اثنين قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٤٣ وَمِنَ الْإِبِلِ اثنين وَمِنَ الْبَقَرِ اثنين قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ الله بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى الله كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٤٤}[الأنعام] فذكر الله سبحانه ذلك لما حرموا من البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، وغيره، فجعل الذكر زوجاً، والأنثى زوجاً، فقال: آلذكرين