المختار من صحيح الأحاديث والآثار،

محمد بن يحيى بن حسين مطهر (المتوفى: 1440 هـ)

فصل فيما تثبت به الإمامة، ولمن تكون في دعوة جماعة متفرقين في وقت واحد

صفحة 605 - الجزء 1

  فهما أبوا العترة الطاهرة، وسيداها، والموضع الذي أخبر رسول الله ÷ أن في التمسك بهما الهدى فلا يحل لمسلم أن يتقدمهما، ولا يطلب الهدى في غيرهما، ولافي غير أولادهما المتمسكين بالكتاب، ودلالته على أولادهما أن يتمسك العباد بهما، وبالمتمسكين بالكتاب من ذريتهما فمن تمسك بالكتاب، وبهم لم يضل أبداً.

  ثم أَخْبَرنا النبي ÷ كيف الإمامة بعد هؤلاء المسميين بأعيانهم يعني بعد علي، والحسن، والحسين فقال: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا وهما الخليفتان من بعدي» فيبين بهذا الكلام فرض الإمامة كيف هي في كل عصر، وزمان إلى الأبد على هذه الشريطة التي شرط، وهي لزوم الكتاب، فإذا كان من آل رسول الله ÷ رجل عالم بكتاب الله، وسنة نبيه، عامل بذلك فهو الإمام الذي دل عليه رسول الله ÷ في كل عصر، وزمان، على المسلمين الأخذ عنه حلالهم، وحرامهم، وسنن نبيهم، فإذا دعاهم إلى نصرة الحق وجب عليهم نصرته، ولن يخلو أهل بيت آل رسول الله ÷ في كل عصر، وزمان أن يكون فيهم مأمون على كتاب الله، وسنة نبيه علمه من علمه، وجهله من جهله، لقول رسول الله ÷: «لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فهذا إجماع من مضى من آل رسول الله ÷ الأتقياء الأبرار الذين بهم يقتدى، فقد بيّن رسول الله ÷ الإمامة، ولم يَدَعْ لأحد فيها اختيار، وبينها الله في كتابه فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}⁣[آل عمران: ١١٠] وقال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤}⁣[آل عمران: ١٠٤]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ٧}⁣[البينة] وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ١٠}⁣[الصف] ... إلى آخر الآيتين، وقال: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ}⁣[الحديد: ١٠] ... الآية وقال: {فَضَّلَ الله الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ الله الْحُسْنَى}⁣[النساء: ٩٥] ... الآيتين فقد بين الله لذوي العقول، والأديان، ودلَّهم على أفضل⁣(⁣١)


(١) أن أفضل آل رسول الله ÷ أتقاهم (نخ).