باب: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  حدَّثنا خالد بن مختار، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أمير المؤمنين ~: (إنما هلك من كان قبلكم بارتكابهم المعاصي، ثم لم ينههم الربانيون والأحبار، فلما فعلوا ذلك أنزلت بهم العقوبات، ألا فمرو بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لا يقدم أجلاً، ولا يدفع رزقاً).
  و قال الهادي # في الأحكام [ج ٢ ص ٥٤٠]: من دعا إلى الله؛ فأجيب كان له مثل أجر كل من أجابه غير منتقص من أجر المجيبين، والدعاء إلى الله فأكبر الأعمال، وفي ذلك ما يقول ذو الجلال والإكرام: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ وَالله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ٤٥}[العنكبوت] والذكر لله هاهنا: هو الدعا إلى الله، وفي ذلك ما حدَّثني أبي، عن أبيه: أنه كان يقول في قول الله سبحانه: {وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ}[العنكبوت: ٤٥] قال: ذكر الله هاهنا هو الدعاء إلى الله.
  قال يحيى بن الحسين ¥: ويدخل مع ذلك من ذكر الله شغل القلب في التفكر في جلال الله، وقدرته، وعظمته، وسلطانه، والذِّكرُ له بما ذَكَرَ به نفسه: من توحيده، وعدله، وصدق وعده، ووعيده.
  قال: وبلغنا عن رسول الله ÷ أنه قال: «لا يحل لعين ترى الله يعصى، فتطرف حتى تغيره أو تنتقل»(١).
  قال يحيى بن الحسين ¥: يجب هذا الفرض على من أطاق التغيير، ومن لم يطق التغيير وجب عليه الهجرة لذلك الموضع الذي يعصى فيه الرحمن، ويطاع فيه الشيطان إلى منكب من مناكب أرض الله لا يرى فيه الفاسقين، ولا تجري عليه فيه أحكام الظالمين، من سهلها أو جبالها، فإن الله سبحانه يقول: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ٩٧}[النساء].
(١) في نسخة بدون: (أو تنتقل).