أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

البركة والتبرك

صفحة 122 - الجزء 1

  وفي الحديث المعلوم: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد».

  وفي البخاري: أن النبي ÷ دعا الله تعالى أن يجعل في المدينة ضعفي ما جعل من البركة في مكة.

  قلت: ومراده بالبيت الكعبة ثم الحرم المحرم، بدليل قوله تعالى بعد ذلك: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}⁣[آل عمران ٩٧]، والمدينة مباركة كما تقدم وقد جاء شيء كثير من السنة يدل على بركتها كحديث البخاري: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة»، وقد كان النبي ÷ يرقي بتراب المدينة.

  وفي البخاري من حديث: «... فأدخل يده في الإناء ثم قال: حي على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله ÷ ... الخ».

  وفي البخاري: أن ابن عمر كان يتحرى المواضع التي صلى فيها النبي ÷ بين مكة والمدينة ليصلي فيها.

  إذا عرفت ذلك فالبركة التي جعلها الله تعالى فيما ذكر سابقاً هي منافع ومصالح أراد الله سبحانه وتعالى من عباده أن ينتفعوا بها، فالتماس تلك البركة أمر مطلوب لله. وقد روى البخاري في كتاب الشركة أن عبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر كانا يلقيان زهرة بن معبد فيقولان له: أشركنا - يعنون فيما اشتراه من السوق - فإن النبي ÷ قد دعا لك بالبركة فيشركهم ... الحديث.

  وقد غلا المخالفون في تحريم التبرك والمنع منه ونسبوا فاعله إلى الشرك، ومن الأدلة على التبرك ما رواه البخاري في قصة الحديبية: أن الصحابة ¤ كانوا يتمسحون ببصاق النبي ÷ وبوضوئه يتبركون بذلك، وما روي أيضاً من أن النبي ÷ أمر حالقه بقسمة شعره.