أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

من باب نفقة المعسر على قريبه المؤسر

صفحة 235 - الجزء 1

  ٦ - المطلقة ثلاثاً تستحق النفقة والكسوة، من أجل أنها محبوسة من أجل زوجها الذي طلقها، ولما في حديث فاطمة بنت قيس الذي رواه المؤيد بالله ومسلم وغيرهما، فقد أوجب لها النبي ÷ المتاع بالمعروف.

  وقد روي حديث فاطمة بنت قيس على صور، وفيها: أن زوجها أرسل لها بنفقة وأنها سخطتها، وطلبت زيادة؛ فلم يحكم لها بها، وقال لها النبي ÷: «ولكن متاع بالمعروف».

من باب نفقة المعسر على قريبه المؤسر

  في شرح التجريد وصحيح ابن حبان وسنن ابن ماجه وغيرها حديث: «أنت ومالك لأبيك»، وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا}⁣[الأحقاف: ١٥].

  يؤخذ من ذلك:

  ١ - أن الأب إذا كان معسراً وكان ابنه مؤسراً أن له أن يأكل من مال ابنه، وأن على الابن أن ينفق عليه ويكسوه؛ إذ ليس من الإحسان أن يبيت الابن الغني شبعاناً، ويبيت الأب الفقير جائعاً، وكذلك الأم لها ما للأب بالأولى؛ إذ حقها على الابن أعظم.

  ٢ - وسواء أكان الوالدان مسلمين أم كافرين، وسواء أكان الولد صغيراً أم كبيراً.

  ٣ - وتلزم نفقة الطفل على أبيه فإن لم يكن له أب فعلى الأقرب إليه، والأقرب إليه هو الذي يرثه إن مات.

  ودليل ذلك: أن الله تعالى أمر أولياء الطفل بإيتاء الأجرة لمرضعته في قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ٦ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ..}⁣[الطلاق].

  هذا، والنفقة على الأولاد أمر متقرر في الفطرة من قبل نزول الشرائع، وقد كان المشركون يقتلون أولادهم خشية الفقر وأن لا يجدوا ما ينفقونه عليهم، فنهاهم الله عن ذلك، فقال سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}⁣[الأنعام: ١٥١].