أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

وقوف الرجل وحده خلف الصفوف

صفحة 110 - الجزء 1

وقوف الرجل وحده خلف الصفوف

  في المجموع والأمالي وغيرهما عن علي # قال: (صلى رجل خلف الصفوف، فلما انصرف رسول الله ÷ قال: «أهكذا صليت وحدك ليس معك أحد؟» قال: نعم، قال: «قم فأعد الصلاة».

  وعن وابصة بن معبد: أن رسول الله ÷ رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وصححه ابن حبان.

  يؤخذ من الحديث:

  ١ - أن مخالفة المشروع في العبادة جهلاً يفسدها.

  ٢ - أن المشروع لأهل المعرفة تنبيه الجاهل لبعض أحكام العبادة.

  ٣ - ظاهر الحديث أنها تفسد الصلاة، وتجب الإعادة على من صلى وحده خلف الصف، سواء أكان لعذر أم لغير عذر، وقد ثبت أن أهل الأعذار لا تفسد صلاتهم بترك شيء من الفروض، كالمريض يصلي من قعود وبالإيماء، ولعل الرسول ÷ قد عرف أنه لا عذر لمن أمره بالإعادة، وبناءً على ما ذكرنا فإذا صلى أحد خلف الصف لعذر فصلاته صحيحة، كأن يكون الصف منسداً ولم يرض أحد من أهل الصف أن ينجذب له، وخاف فوت الجماعة قبل أن يجيء مصل آخر؛ ففي مثل هذه الحال يسوغ له أن يصلي وحده خلف الصف.

  ويدل على ما ذكرنا: ما في بعض طرق الحديث: «ألا دخلت معهم، أو اجتررت رجلاً».

  وضابط ذلك: أن كل ما لا يدخل تحت استطاعة الإنسان من شروط الصلاة وفروضها يسقط عليه بدليل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، «إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

[أين يقف المؤتم الواحد]

  وفي المجموع وغيره بسنده عن علي #: (أمنا رسول الله ÷ أنا ورجل من الأنصار فتقَدَّمَنا، وخَلَّفنا خَلْفَه، ثم صلى بنا، ثم قال: «إذا كان اثنان فليقم