أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

اللباس في الصلاة

صفحة 82 - الجزء 1

  وبعد، فإن المساجد في أنفسها سترة بل أعظم سترة، وكذلك جدران المنازل، وهي أكبر من مؤخرة الرحل.

  وإذا كان المصلي في مكان خال لا يخشى من مرور شيء بين يديه - فلا عليه أن لا يتخذ سترة؛ لأن العلةَ في اتخاذ السترة منعُ المرور بين يدي المصلي، وقوله في الحديث: «وادرؤوا ما استطعتم»، المراد: ما استطعتم من الدرء مما لا يخل بالصلاة؛ للاتفاق على أن الأفعال الكثيرة تبطل الصلاة.

  وأخرج الحاكم حديث: «ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم»، في الحديث حين قال: «ولو بسهم»، ما يشير إلى أن ذلك في السفر إذ لا تستصحب السهام في المساجد وإنما تستصحب في الخروج للسفر ونحوه، ثم ما روي من أنه يقطع الصلاة المرأةُ والحمارُ والكلبُ الأسود، وفي رواية المرأة الحائض، يشير إلى ما قلنا إذ أن النساء الحيض والحمير والكلاب تمنع من المساجد، ومما يؤكد ما قلنا ما روي أنه كان للنبي ÷ عنزة يغرزها بين يديه، إذا سافر فيصلي إليها.

  وروى البخاري عن أبي جحينة: خرج رسول الله ÷ بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة.

  وفي فتح الباري: أن المألوف المعروف من عادته ÷ أنه كان لا يصلي في الفضاء إلا والعنزة أمامه، وفي البخاري بسنده إلى ابن عباس: أنه أقبل ورسول الله ÷ يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار.

  وفي البخاري حديث: «أن رسول الله ÷ كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر».

اللباس في الصلاة

  الواجب على الرجل ستر العورة في الصلاة وغيرها، وهو في الصلاة آكد، ولا ينبغي أن يقع هنا خلاف، وذلك أن ستر العورة من الفطرة.

  والعورة من تحت السرة إلى الركبة، والدليلُ على ما ذكرنا أنَّ المكلفين منذ