أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

مسنونات الصلاة

صفحة 93 - الجزء 1

مسنونات الصلاة

  التوجه، وتكبير النقل، والتسميع، والتحميد، وتسبيح الركوع والسجود، والتشهد الأوسط.

  واستدلوا على ذلك بحديث المسيء صلاته؛ فإنه ÷ لم يذكر شيئاً من ذلك، ولو كان واجباً لبينه للمسيء صلاته، وذكره له؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

  قلت: لعل النبي ÷ إنما لم يذكر ذلك ويبينه لتقدم العلم به للمسيء صلاته، وإذا كان كذلك فلا يتم الاستدلال.

  وفي ذهني من كلام بعض أهل العلم أن ما ورد الأمر به من النبي ÷ عن طريق الآحاد التي لا تفيد إلا الظن يكون مسنوناً، ولا ينبغي الحكم بوجوبه، وما ثبت الأمر به قطعاً فهو واجب في الصلاة وفرض من فروضها، فوقع في قلبي هذا القول بمكان، واستحسنته غاية الاستحسان، مع أني لم أره لقائل غيره، ولم يذكر الوجه فيما ذكره وقاله.

  والوجه في ذلك: أن حقيقة الواجب هو ما يثاب المكلف على فعله ويعاقب على تركه؛ فإذا جاء الأمر من النبي ÷ برواية آحادية ظنية فلا يحسن الحكم على تارك ذلك المأمور به بالعقاب والعصيان.

  وأما الحكم بالثواب فلا مانع من القول به، فيكون الأمر حينئذ بمنزلة الشبهة التي من شأنها أنه لا يجوز الحكم على الداخل فيها بالعصيان والعذاب، وأما اجتنابها فيحكم له بالثواب، وهذه حقيقة المسنون بعينها؛ لأنه ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.

  نعم، يؤيد هذا القول أن الفرض الواجب الذي يعم التكليف به المسلمين يستدعي الاهتمام بشأنه؛ إما بأن ينزل في فرضه القرآن، أو يبينه الرسول ÷ تبييناً يتبينه الخاص والعام من المكلفين، وإنما قلنا ذلك من أجل أن تتم حجة الله على المكلفين، ولا تتم الحجة إلا بالبيان العام، ولما في تركه من الخطر حيث أن في تركه دخول النار.