أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[بعض صور توجب الربا]

صفحة 252 - الجزء 1

  فبناءً على ذلك، فكل ما كان من الطعام يكال فلا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلاً ... الخ.

  ولا بد أن يكون ذلك مما تشتد حاجة الناس إليه، فلا يقاس سائر المعادن على الذهب والفضة؛ لأنها وإن ساوتها في العلة التي هي الوزن والتماثل إلا أن هناك فوارق، فالمعادن لا تساوي الذهب والفضة في شدة الحاجة إليها، ولا في عموم الحاجة إليها، ولا في عزتها، ولا في كونها ثمناً، ولا تدخر ولا تكنز؛ فمن هنا قلنا: إن سائر المعادن لا تلحق في الحكم بالذهب والفضة.

  أما سائر الحبوب فإنا ساويناها في الحكم بالمنصوصات لاستوائها جميعاً، ولم يكن هناك فرق فلزم استواؤها.

  ٤ - قوله في الحديث: «فمن زاد أو ازداد فقد أربى» يؤخذ منه: أن الزيادة ربا، وإنما كانت محرمة؛ لأنها أكل لأموال الناس بالباطل، أي: لا في مقابل شيء، وعلى هذا فبيع صاع من العدس بصاعين من العدس، أو صاع من الأرز بصاعين من الأرز يكون الصاع في مقابل الصاع، وزيادة صاع ربا؛ لأنها لا تقابل شيئاً، فاسم الربا متناول لها، وفي ذلك أكل لأموال الناس بالباطل.

  وحينئذ فالحكمة والمصلحة التي أرادها الله تعالى في تحريم بيع الذرة بالذرة و ... الخ موجودة في بيع الآرز والذرة، وقد ثبت أن الشرائع تابعة للمصالح فيجب لذلك أن يعم الحكم جميع الأصناف المستوية.

  ولا خلاف أنه لا يجوز شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وكذا شراء ما في ضروعها، ولا يجوز شراء العبد الآبق - أي: وهو آبق - ولا شراء المغنم حتى يقسم، ولا شراء الصدقات حتى تقبض، ولا شراء ضربة الغائص، ولا شراء السمك في الماء لأنه غرر، ولا يجوز بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، ولا يباع صوف على ظهر، ولا يجوز بيع المضامين والملاقيح، ولا بيع اللحم بالحيوان،